نعم ... الميت يعلم بمن يزوره و الدليل..

الخميس 22 فبراير 2018 - 19:32 بتوقيت غرينتش
نعم ... الميت يعلم بمن يزوره و الدليل..

هل صحيح أن الميت يعلم بمن يزوره عند قبره ؟وماهو الدليل على ذلك من النصوص الشرعية؟

الشيخ محمد صنقور

هل صحيح أن الميت يعلم بمن يزوره عند قبره ؟وماهو الدليل على ذلك من النصوص الشرعية؟

نعم ورد ذلك عن أهل البيت (ع) في روايات عديدة تبلغ حد الإستفاضة، وفيها ما هو معتبر سندا، وقد أفادت بعض هذه الروايات أن الميت يأنس بمن يزوره وأنه ينتفع بدعاء من يزوره وبما يتلوه عند قبره من القرآن، وإن الميت يفرح بذلك كفرح أحدكم بالهدية، وإشتملت بعض هذه الروايات على إفادة أن قبري الأبوين من مواطن إستجابة الدعاء، فمن كانت له حاجة فليذهب إلى قبر أبيه أو أمه فيدعو لهما ثم يدعو لنفسه فيستجاب له -إن شاء الله تعالى- لدعائه لهما.

ولتوثيق ماذكرناه ننقل بعض ما ورد في ذلك من الروايات عن أهل البيت (ع):

منها: مارواه الصدوق بسند معتبر عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (ع): الموتى نزورهم؟قال: نعم، قلت: فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟فقال: إي والله إنهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم، ويستأنسون إليكم" (1).

ومنها: مارواه الكليني بسند معتبر عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله(ع) في زيارة القبور قال: إنهم يأنسون بكم، فإذا غبتم عنهم إستوحشوا" (2).

ومنها: مارواه الكليني أيضا بسنده عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن (ع) قال: قلت له: المؤمن يعلم من يزور قبره؟ قال: نعم لا يزال مستأنسا به ما زال عند قبره، فإذا قام وإنصرف من قبره دخله من إنصرافه عن قبره وحشة" (3).

ومنها: مارواه الشيخ الطوسي في المجالس والأخبار بسنده عن عبد الله بن سليمان عن الباقر (ع) قال: سالته عن زيارة القبور قال: إذا كان يوم الجمعة فزرهم، فانه من كان منهم في ضيق، وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يعلمون بمن أتاهم في كل يوم فإذا طلعت الشمس كانوا سدى، قلت: فيعلمون بمن أتاهم، فيفرحون به؟قال: "نعم، ويستوحشون له إذا إنصرف عنهم" (4).

أقول: إن إستيحاش الموتى بإنصراف من يزورهم بعد أنسهم بزيارتهم لهم ليس مطردا لكل الموتى ظاهرا، فمنهم من لا يستوحش بإنصراف من يزوره عن قبره وإن كان يأنس بزيارة من يزوره، ويشهد لذلك معتبرة صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (ع): بلغني ان المؤمن إذا أتاه الزائر أنس به، فإذا إنصرف عنه إستوحش، فقال: لا يستوحش" (5).

فإن ظاهر المعتبرة ان المؤمن لا يستوحش إذا انصرف عن قبره من يزوره، ولعل المراد من المؤمن في الرواية هو ذو المرتبة المتميزة من الإيمان.

ومنها: مارواه الكليني بسنده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المومنين (ع): زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر أمه بما يدعو لهما"(6) .

ورواه الصدوق في (الخصال) بسند معتبر عن علي (ع) في حديث الأربعمائة بإختلاف يسير قال: قال أمير المؤمنين: زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب الرجل حاجته عند قبر أبيه وأمه بعد ما يدعو لهما" (7)

ومنها: ما رواه الرواندي في الدعوات عن داود الرقي قال: قلت لأبي عبد الله (ع): يقوم الرجل على قبر أبيه وقريبه وغير قريبه، هل ينفعه ذلك؟ قال:"نعم ان ذلك يدخل عليه كما يدخل على أحدكم الهدية يفرح بها" (8).

مثل هذه الروايات وكذلك غيرها صريح في أن الميت يعلم بمن يزوره ويأنس بزيارته، ولا محذور في ذلك عقلا بعد أن كان الإدراك من شئون الروح وليس من شئون الجسد، ثم إن القضية من شئونات الغيب فلا سبيل إلى إنكارها أو إثباتها إلا بواسطة الوحي، فإذا ورد عن أهل بيت الوحي (ع) ما يتصل بهذه الشؤونات وغيرها وثبت عنهم ذلك وجب الإقرار والإذعان به، لأنهم إنما يخبرون عن وحي الله تعالى الذي أوحاه إلى نبيه الكريم (ص) قال تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون} (9) وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} (10).

الهوامش:

1- من لا يحضره الفقيه الشيخ الصدوق ج 1 ص 181.

2- الكافي الشيخ الكليني ج 3 ص 228.

3- الكافي الشيخ الكليني ج 3 ص 228.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) الحر العاملي ج 7 ص 415.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) الحر العاملي ج 3 ص 222.

6- الكافي الشيخ الكليني ج 3 ص 230.

7- الخصال الشيخ الصدوق ص 618.

8- بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 99 ص 296.

9- سورة البقرة آية رقم /285.

10- سورة المزمر آية رقم /33.

المصدر : مركز الهدى للدراسات الإسلامية