ما إن أعلن العراق هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، والقضاء على دويلة خلافته، وتشتيت بقايا عناصره، حتى ظهرفجأة من المجهول تنظيم جديد في شمال العراق يدعى "الرايات البيض"، في نفس المنطقة التي كان يتواجد فيها "داعش"، وتحديداً في محيط كركوك وطوزخورماتو، ما أثار الكثير من الأسئلة حول أهداف هذا التنظيم، وتشكيله ومراميه وخطره، وعلاقته بـ "داعش"، وهل هو إمتداد له بمسمى جديد، وشعار جديد للتمويه، إذ إن هذا التنظيم يرفع راية بيضاء تتوسطها صورة رأس أسد، على عكس راية "داعش" السوداء التي تتوسطها عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"؟
ظلت الحكومة العراقية لفترة تتابع هذا التنظيم الذي بقي حريصاً على عدم كشف هويته، وتجمع المعلومات حول تشكيله، وعناصره وأهدافه وخلفيته الفكرية، إلى أن بدأت المنطقة حيث يتواجد تشعر بخطره بعد قيامه بالعديد من عمليات الاختطاف لمواطنين والاعتداء على الممتلكات العامة ومهاجمة مواقع عسكرية، ما دفع الحكومة للقيام بعملية أمنية واسعة في المنطقة الجبلية الوعرة حيث يتواجد هذا التنظيم في جبال حمرين، وهي منطقة خاضعة في الأساس للبشمركة الكردية.
تخشى الحكومة العراقية أن يلجأ تنظيم «الرايات البيض» إلى سيناريو مشابه لبدايات «داعش»، بأن يتخذ من منطقة ما معقلا له ثم يبدأ بالتمدد مثل بقعة الزيت، خصوصاً أن المعلومات تجمع على أن عناصر هذا التنظيم ينتمون إلى فلول "داعش" بقيادة أحد زعمائه السابقين ويدعى"أحمد حكومة"، كما يضم عدداً من المتطرفين الأكراد من ذوي النزعة الانفصالية، ومن بينهم وفق خبراء أمنيين عراقيين عناصر من"حزب العمال الكردستاني" التركي، وآخرون تابعون لمسعود البرزاني، أعلنوا تمردهم على الحكومة المركزية بعد إسترجاعها مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها التي يطالب الأكراد بضمها إلى الإقليم الكردي في شمال العراق، وقدر الخبراء عدد عناصر تنظيم "الرايات البيض" بين 500 عنصر و800 عنصر، لكن من المحتمل أن يرتفع العدد إلى أكثر من ذلك،إذا لم يتم العمل على استئصال وجودهم سريعاً، خصوصاً أن السفير الأمريكي في العراق دوغلاس سيليمان كان قد حذر في الخامس من الشهر الحالي من إمكانية ظهور منظمة مسلحة متمردة جديدة في العراق بعد القضاء على "داعش"، وإندلاع معركة ذات "طابع جديد" تهدف إلى ضرب الأمن والإستقرار في العراق.
هذا يعني أن المعركة ضد الإرهاب سوف تطول، وستأخذ وجها آخر غير الوجه الذي كانت عليه خلال السنوات الثلاث الماضية. وهذا يعني أن الأصابع التي تعبث بوحدة العراق وغيره من الدول العربية لا زالت تتحرك، وهي قادرة على إبتداع وسائل جديدة للتخريب والتدمير. لعل السفير الأمريكي في بغداد يعرف أكثر من غيره هذه الأصابع الخبيثة .
المصدر: موقع الخليج