سنة 2009، شرعت وزارة الثقافة الجزائرية في إنجاز سبر ما تخفيه ساحة الشهداء تحتها وحماية الشواهد التاريخية عند تمرير خط المترو.
وقال مدير الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية عبد الوهاب زكاع، إنه تم العثور على المدينة العثمانية على عمق 3 أمتار، "والمزيد تحتها، هناك أكثر من 9 أمتار ونصف المتر عمق تاريخ 2000 سنة من التاريخ".
وتابع زكاع أن الموقع الأثري المكتشف، يحكي تعاقب الحضارات المختلفة على المدينة "من الفينيقيين إلى الرومانيين إلى مرحلة يوبا الثاني إلى المرحلة الإسلامية إلى بني مزغنة إلى العثمانيين".
واستعانت الجزائر بخبرة المعهد الفرنسي لعلم الآثار الوقائي في عملية الحفر والتنقيب، وعُثر على أروقة رومانية وفسيفساء وعوالم تعود للقرن الأول قبل الميلاد.
كما عُثر على آثار إحدى الكنائس المشيَّدة في القرن الخامس، ومقبرة بيزنطية تحتوي على 71 قبراً تعود للقرن السابع، كما عُثر على أدوات من الفخار والرخام من الفترة الإسلامية.
وعند تدشين المحطة، سيجد ركاب المترو، فور النزول من السلالم الكهربائية الحديدية، بعض اللوحات المعروضة على الحائط تُبرز أجزاء من التاريخ القديم للمدينة.
يتوقف غالب المارين على ساحة الشهداء، بالقصبة السفلى، عند المدينة العثمانية المسيّجة على عشرات الأمتار المربعة، يتجولون داخلها ويعرجون على اللافتة المنصوبة في زواياها الأربع والتي تحكي تاريخها باللغتين العربية والفرنسية.
وأظهرت الحفرية "مخطط المبنى الذي ينقسم إلى عدة غرف، زيادة إلى ملحقات جانبية بسيطة ومسقفة بأقواس مع قاعدتين واسعتين مبلّطتين بالآجُر وبقايا الأعمدة مزخرفة".
وتروي اللافتة كيف عثر الباحثون على أسس منارة مسجد السيدة الذي كان يصلي فيه الباشاوات العثمانيين إلى غاية 1817، ويحتوي المسجد على مدرسة قرآنية بنيت سنة 1703.
الجامع الحنفي أو مسجد السيدة كما يُعرف، بُني وفق طراز معماري متميز استُخدمت أعمدته الرخامية وتيجانه ذات الزخارف النباتية بعد هدمه من قِبل المستعمر الفرنسي سنة 1832، لتجميل الرواق الخارجي للجامع المرابطي الكبير.
يسمى العهد الأول للموقع المكتشف "مدينة إيكوسيم"، التي كانت في الفترة القديمة عبارة عن مرفأ بونيقي يوجد تحت مستويات حي البحرية الحالي.
وعرفت حينها كمدينة مستقلة تابعة لمماليك البور، ثم أصبحت تابعة لمملكة موريطانيا القيصرية تحت حكم يوبا الثاني، قبل أن تُضم إلى الإمبراطورية الرومانية نحو 40 ميلادية.
وتؤكد الحفريات أنه في عهد فيسياسيانوس سنة 75 مُنحت لها رتبة بلدية تحت اسم "إيكوزيوم"، وسقطت تحت سيطرة الوندال في الفترة ما بين 429 و534 قبل أن تتواصل مع الفترة البيزنطية.
وسنة 1950م، قام بنو مزغنة بإعادة تأسيس المدينة التي عرفت ازدهاراً بفضل مينائها البحري خلال الفترة العثمانية، وذلك بين سنتي 1510 و1830، وفرضت نفسها كعاصمة للمستعمرة الفرنسية ثم للدولة الجزائرية.
المصدر: هاف بوست عربي
101/23