ماذا تعرف عن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم؟

الأحد 11 فبراير 2018 - 13:47 بتوقيت غرينتش
ماذا تعرف عن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم؟

هو السيد أبو يوسف محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد أحمد الطباطبائي الحكيم النجفي. كان أحد أجداده – وهو السيد علي – طبيباً مشهوراً، ومنذ ذلك الزمان إكتسبت العائلة لقب( الحكيم ) بمعنى الطبيب، وأصبح لقباً مشهوراً لها.

هو السيد أبو يوسف محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد أحمد الطباطبائي الحكيم النجفي.

 كان أحد أجداده – وهو السيد علي – طبيباً مشهوراً، ومنذ ذلك الزمان إكتسبت العائلة لقب( الحكيم ) بمعنى الطبيب، وأصبح لقباً مشهوراً لها. وُلِد السيد بمدينة النجف الأشرف في غرة شهر شوال من عام 1306هـ.

السيد محسن الطباطبائي الحكيم؛ (1306 - 1390 هـ) من كبار فقهاء ومجاهدي العراق ومن أبرز مراجع التقليد في الحوزة العلمية في النجف الأشرف في القرن الرابع عشر الهجري. كان له الدور البارز في نشر المكتبات العلمية في مدن العراق وسائر البلاد الاسلامية.

للسيد محسن دورا مؤثرا في إصلاح النظام الحوزوي، ويعتبر كتاب مستمسك العروة الوثقى أهم تأليفاته الفقهية، كما له مجموعة من النشاطات الثقافية والاجتماعية كبناء المساجد والحسينيات، ودعم شيعة.

ولادته و نسبه:

ولد السيد الحكيم يومعيد الفطر من سنة 1306. في وسط أسرة معروفة، أبوه العالم الديني السيد مهدي بن صالح الطباطبائي النجفي المشهور بالسيد مهدي الحكيم. توفي والده وهو في سن السادسة من العمر فتكفله أخوه الأكبر السيد محمود.

أولاده:

كان للسيد الحكيم عشرة ابناء وأربع بنات. أبناؤه هم: يوسف، محمدرضا، محمدمهدي، كاظم، محمدباقر، عبدالهادي، عبدالصاحب، علاءالدين، عبدالعزيز، ومحمدحسين.

دراسته و أساتذته:

تعلم القراءة والكتابة وهو في السابعة من عمره، وفي سن التاسعة دخل السلك الحوزوي لينهل من نمير العلوم والمعارف الدينية، فدرس المقدمات كعلوم اللغة العربيةوالمنطق وبعض كتب اصول الفقه كالقوانين والمعالم فضلاً عن بعض الكتب الفقهية كـشرائع الاسلام واللمعة الدمشقية، حيث تلمذ فيها على يد أخيه السيد محمود، ودرس المراحل اللاحقة على يد كبار العلماء منهم الشيخ صادق الجواهري وصادق البهبهاني.

وبعد أن طوى المراحل التي تؤهل الطالب لحضور أبحاث الخارج شرع سنة 1327 هـ بحضور ابحاث كبار المراجع والفقهاء منهم: الآخوند محمد كاظم الخراساني،وضياء الدين العراقي والشيخ علي الجواهري والميرزا حسين النائيني والسيد أبو تراب الخوانساري، فنهل من نمير علمهم في الفقه والاصول والرجال حتى نال درجةالاجتهاد التي تمثل أرفع درجة علمية ينالها طلاب العلوم الدينية.

كذلك أخذ الاخلاق عن كل من السيد محمد سعيد الحبوبي وباقر القاموسي والسيد علي القاضي والشيخ علي القمي.

تدريسه و تلامذته:

بعد أن عاد السيد الحكيم من الجهاد شرع وبالتحديد سنة 1333هـ بإلقاء الدروس لمرحلة السطوح، وفي سنة 1337هـ، شرع بالقاء محاضراته في البحث الخارج لمادتي الفقه والاصول والتي استمرت ما يقارب من نصف قرن تخرج خلالها الكثير من العلماء والمحققين، منهم:

السيد إسماعيل الصدر ، السيد يوسف الحكيم ،السيد محمد تقي بحرالعلوم ،السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، محمد علي قاضي طباطبائي ، السيد علي الحسيني السيستاني ،السيد أسد اللّه مدني، الشيخ محمد مهدي شمس‌ الدين ، السيد محمد حسين فضل ‌اللّه ، الشيخ حسين وحيد خراساني، السيد موسى الصدر، السيد حسن الخرسان ، السيد حسين مكي العاملي ، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الشيخ محمد تقي الجعفري ، السيد مصطفي الخميني ، الشيخ محمد جواد مغنية ، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، أحمد الكافي ، الشيخ محمد هادي معرفة ، السيد هاشم رسولي محلاتي.

أثاره العلمية:

صنّف السيد الحكيم أكثر من أربعين كتابا توزعت بين التأليف والشرح لمصنفات غيره من الأعلام،منها:

(1)مستمسك العروة الوثقي: وهو أوّل شرح استدلالي لكتاب العروة الوثقى ؛ (2)حقائق ‌الاصول: شرح لكتاب كفاية الاصول للآخوند الخراساني؛ (3)نهج ‌الفقاهة: شرح وحاشيه‌ لكتاب المكاسب للشيخ الانصاري؛(4) منهاج ‌الناسكين؛ مناسك وأحكام الحج تفصيلا؛(5) شرح استدلالي لتبصرة المتعلمين للعلامة الحلي؛ (6) شرح تشريح الافلاك للشيخ البهائي في الهيئة؛(7) شرح المختصر النافعِ للمحقق الحلّي؛ وهو أوّل أثر فقهي صدر للسيد الحكيم؛(8) المسائل الدينية؛(9) رسالة في إرث الزوجة؛ منهاج ‌الصالحين؛ رسالته العملية التي اشتملت على جميع فتاواه وفي شتّى أبواب الفقه.

مرجعيته:

بعد رحيل آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1355هـ ق) رجع بعض مقلدية الى السيد محسن الحكيم، وتعززت مرجعيته بعد رحيل السيد أبو الحسن الاصفهاني(1365هـ ق) وبعد رحيل السيد حسين البروجردي (1380هـ ق) أصبح السيد الحكيم المرجع الاعلى للشيعة في العالم.

دوره في إصلاح النظام الحوزوي:

قام السيد الحكيم بمجموعة من الأعمال والنشاطات لإصلاح النظام الحوزوي، منها:

1-بذل جهوداً كبيرة لتعزيز الوجود الحوزوي من خلال جذب الطلاب للالتحاق بالدرس الحوزوي، حتى بلغ عدد الطلاب الحوزويين في زمانه ثمانية آلاف طالب بعد أن كان العدد لا يتجاوز أكثر من 1200 طالب.

2-تأسيس مدرسة العلوم الإسلامية والسعي لإغناء الدرس الحوزوي من خلال إضافة مجموعة من العلوم كالفلسفة والكلام والتفسير والإقتصاد الى الدرس الحوزوي.

3-رسم برنامج ثقافي يمكّن الطلاب من التعرّف على الافكار الإحادية كالشيوعية وتحذير كبار العلماء من الخطر المحدق بالعالم الاسلامي؛

4-التصدي لحالة إنحصار الدرس الحوزوي في النجف الأشرف وتوسيعه الى أماكن أخرى من خلال بناء وتأسيس حوزات علمية في كل من الباكستان والسعوديةوبعض البلدان الإفريقية؛

5-تسهيل مقدمات الاقامة ومستلزمات الدراسة للطلاب الاجانب كتخصيص مدرسة الطلاب الهنود وأخرى للافغان وثالثه لطلاب التبت.

الإشتراك في الجهاد:

عندما إندلعت الحرب العالمية الأولى والتي خلفت حرقة شديدة في قلوب الناس، ورغم الجفاء والحيف الذي لحق بالشيعة جراء السياسة العثمانية، الا أن ذلك لم يمنع من تساميهم على الخلافات الداخلية والعضّ على الجراج لمواجهة العدو الذي إجتاج العالم الاسلامي، حيث أصدر مراجع التقليد في العراق حكما بوجوب الجهاد أمام المد البريطاني، ولم يكتفوا بذلك بل شاركوا مباشرة بتلك المعارك.

وكان للسيد الحكيم دور بارز في هذه المعارك ، حيث تصدى و بأمر من السيد محمد سعيد الحبوبي لقيادة الجانب الأيمن في معركة الشعيبة، وتحت هذا العنوان كانت المساعدات الشعبية وتلك التي تأتي من قبل الدولة العثمانية لإمداد الجيوش ، تجتمع عنده ليقوم بتوزيعها على المجاهدين. إلا أن معركة الشعيبة إنتهت بتقهقر المجاهدين في الشعيبة وسقوط مدينة الناصرية.

التصدي للمد الشيوعي:

بعد سقوط الحكم الملكي في العراقي وتصدّي عبد الكريم قاسم للحكم سنة 1958م سنحت الفرصة للشيوعية في التمدد وتشريع بعض القوانين المخالفة للشريعة، فتصدى السيد الحكيم لتلك المخالفات وحث الخطباء والعلماء على تحذير الناس من تلك المخالفات، واصدر عام 1960 م فتواه بتحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي وحكم بكفر والحاد الشيوعية أو ترويج الالحاد. وقد تبعه الكثير من علماء النجف في دعم الفتوى فأصدروا فتاوى مماثلة مما اضطر عبد الكريم قاسم الى الاعتذار.

أخلاقه:

نقل أنه لما أتمّ تأليف موسوعة «مستمسك العروة الوثقى» بعد جهد جهيد جاءه أحد المدرسين المغرورين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف ـ ولم يكن رأيه حينذاك بالسيد الحكيم إيجابياً ـ فقال له: سيدنا! إن الشيخ الأنصاري رحمه الله قد رفع المستوى العلمي في النجف الأشرف بكتبه القيمة، وأنت قد أخفضته بكتابك (المستمسك) هذا!

وكان بإمكان السيد الحكيم رحمه الله أن يطرد هذا الرجل وينهره ويهينه ـ من خلال استفادته من مكانته المرجعية ـ أو مواجهته مواجهة علمية يبطل فيها كذبه في ادعائه الخطير. إلا أنه لم يختر لا هذا ولا تلك، بل قال له بكل أدب وتواضع وخفض جناح: وكيف تقارنني بالشيخ الأنصاري؟أين أنا من الشيخ؟ حبّذا لو تدوّن ملاحظاتك على الكتاب، لأكون شاكراً لك.

فلم يسع الرجل حينها سوى الإعتذار إلى السيد الحكيم بعد سماعه لردّه هذا، والإقرار بعظمته والاعتذار له بما بدر منه من تحامله عليه، بالإضافة إلى أن موقف السيد الحكيم هذا وما تحلّى به من التواضع وخفض الجناح أحدث فيه تغييراً كلياً تجاهه.فإعتبروا يا اُولي الأبصار.

يذكر أن تأليف هذا الكتاب إستغرق سنوات طويلة اضطر خلالها السيد الحكيم رحمه الله إلى مراجعة أحد مصادره ـ وهو كتاب جواهر الكلام ـ في ظروف بالغة الصعوبة بسبب احتياجه لهذا الكتاب الذي يستعرض آراء العلماء في كل مسألة مع بيان أدلّتها، وحيث إن صاحب النسخة اليتيمة في ذلك الوقت لم يكن على استعداد ـ لأسباب تخصّه ـ لأن يعيرها ليأخذها إلى بيته، كما لم يكن بمقدور السيد الدخول إلى بيت الرجل تحاشياً للإحراج ، الأمر الذي اضطرّهُ إلى التوافق معه على الاستفادة من الكتاب عند باب البيت داخل الزقاق، رغم الإحراج والتعب الكبيرين اللذين كانا يتسببان له)

وفاته :

أصيب السيد الحكيم (قدس سره) بالمرض الخبيث وذلك في عام (1970 م)، وقد أشرف على علاجه طبيب خاص في لندن في مستشفى (سنت بيل)، وأثمرت المتابعة وتماثل للشفاء نسبياً، ويبدو أن الأطباء هناك أدركوا أن حالته لا يمكن أن تصبح أفضل من ذلك وبالإمكان متابعة شفائه في بغداد.

وعاد السيد الحكيم (قدس سره) إلى العراق في آذار عام (1970 م) وأدخل مستشفى (إبن سينا) وأصبحت ساحات المستشفى وحدائقها ميداناً للأعداد الكبيرة من زوار السيد الحكيم (قدس سره) الا أن رؤيته كانت تقتصر على بعض الإعلاميين والمستشارين الخاصيين لظروفه الصحية الحرجة.

وعلى الرغم من وضعه الصحي المتردي الا أن ذلك لم يؤثر على عمل ذاكرته ، كما أكد ذلك أحد الأطباء عند زيارته لسماحة المرجع (قدس سره).

إن استقرار حالته المتدهورة دفعت عائلته لنقله الى داره الواقعة قرب المستشفى؛ لكن في الساعة العاشرة من مساء يوم الثلاثاء المصادف الأول من حزيران عام (1970) انتقل الى جوار ربه صابراً محتسباً.

شيّع جثمانه الطاهر في اليوم التالي من الكاظمية مروراً بالأعظمية فشارع الرشيد وجسر الأحرار بأعداد غفيرة . ثم مدينة كربلاء المقدسة و من كربلاء المقدسة حتى (خان الخيلة) و من هناك إلى النجف الأشرف. ادخل الجثمان الى مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) لأداء مراسيم الزيارة، ثم اتجهت الناس نحو مكتبته، حيث أعد السيد الحكيم (قدس سره) لنفسه مقبرة فيها.

ثم اقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة في النجف الأشرف في مسجد الهندي ولمدة أربعين يوماً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الحادية عشر مساءاً، إذ ألقيت فيها القصائد والكلمات التي تؤبن الفقيد الراحل .

المصدر: ويكي شيعة ، راسخون و مركز آل الحكيم الثقافي