آية الله السيد علي السيستاني
إن ما تضمنه هذا الكتاب الشريف من كلام مولانا أمير المؤمنين (ع) يعد في ذروة الكلام ـــ بعد كلام الله تعالى وكلام نبيه المصطفى(ص) - لما فيه من بيان للمنهج الفطري للتفكر، والتأمل في الكون وحقائقه، وبيانٍ لأصول الإسلام ومعارفه، وإيضاح لحكم الحياة والسنن التي يبتني عليها ، وتبيينٍ لسبل تزكية النفس وترويضها ، وتوضيحٍ لمقاصد الشريعة وما بني عليها من الأحكام ، وتذكيرٍ بآداب الحكم وشروطه وإستحقاقاته، وتعليمٍ لأسلوب الثناء على الله تعالى والدعاء بين يديه وغير ذلك كثير.
كما أنه من جهة أخرى مرآة صادقة للتاريخ الاسلامي وما وقع فيه من الحوادث بعد النبي (ص) خاصة في زمن خلافة الامام(ع)ويتضمن جانباً مهماً من سيرته وخلقه وسجاياه وعلمه وفقهه.
وحري بالمسلمين عامة أن يستنيروا في أمور دينهم تعلماً وتزكية بهذا الكتاب ويهتموا ـــ ولا سيما الشباب منهم ـــ بمطالعته والتدبر فيه وحفظ طرف منه، كما يجدر بمن يدعون محبة الامام (ع) ويتمنون انهم لو كانوا في عصره ليستمعوا إلى مواعظه ويهتدوا بهديه ويسيروا على نهجه أن يفعلوا ذلك في ضوء ما ورد في هذا الكتاب.
ولقد قال أمير المؤمنين(ع) في حرب الجمل أنه حضره في هذه الحرب قوم من الناس لم يزالوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء وإنما عنى بذلك الذين علم الله منهم صدق النية فيما يتمنونه من الحضور في زمانه والاقتداء به في أفعاله، وهم الذين سيحشرون مع أوليائه(ع) يوم يحشر كل إنسان خلف أمامه، وذلك لأنهم عملوا بما علموه من الحق من غير أن يعتذروا عن ذلك بالشبهات ويزينوا إنتماءهم اليه (ع) بالأماني.
وينبغي لرجال الحكم من المسلمين أن يطبقوا ما بينه من وظائف أمثالهم ويقتفوا أثره ويتبعوا خطاه في سلوكهم وإعمالهم وليقدروا في انفسهم أنهم بمثابة ولاته وعماله ليظهر لهم مقدار إلتزامهم بنهجه وتأسيهم به.
نسأل الله العلي القدير ان يأخذ بأيدي الجميع إلى إتباع الهدى وإجتناب الهوى إنه ولي التوفيق.
المصدر: Balaghah.net