السفراء الأربعة ...حياتهم و أقوال الإمام الحجة فيهم

الأحد 4 فبراير 2018 - 21:01 بتوقيت غرينتش
السفراء الأربعة ...حياتهم و أقوال الإمام الحجة فيهم

السفراء الأربعة هم الذين تولوا الوكالة الخـاصة ‌ ‌عـن الإمام المهدي(عج)خلال غيبته‌ الصغرى‌ وكانت مهمتهم قيادة الموالين من الناحية الفـكرية والسـلوكية طـبقا لأوامره(ع)أي التوسط في قيادة المهدي(عج)للمجتمع وتطبيق تعاليمه فيه.

السفراء الأربعة هم الذين تولوا الوكالة الخـاصة ‌ ‌عـن الإمام المهدي(عج)خلال غيبته‌ الصغرى‌ وكانت مهمتهم قيادة الموالين من الناحية الفـكرية والسـلوكية طـبقا لأوامره(ع)أي التوسط في قيادة المهدي(عج)للمجتمع وتطبيق تعاليمه فيه، وقد أهلهم لنيل السفارة الخـاصة دون غيرهم، درجة إيمانهم وإخلاصهم‌ فكانوا‌ على إستعداد لأكبر التضحيات .وقد إستطاعوا بمسلكهم تـحقيق المصالح العامة في قـيادة المـوالين وهدايتهم والمحافظة عليهم.

عثمان بن سعيد العمري

الشيخ عثمان بن سعيد العمري أبو عمرو الأسدي، ورد‌ إسمه‌ أول ما ورد في المصادر التاريخية كوكيل خاص للإمام الهادي(ع)فقد كان يستوثقه ويمدحه بمثل قوله: «هـذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعني يقوله وما أداه إليكم‌ فعني‌ يؤديه‌".

وهذا النص بنفسه يدل على النشاط‌ الذي‌ كان يقوم به وهو نقل المال والمقال من الإمام الهادي(ع)وإليـه فـكان يمثل دور الوساطة بين الإمام(ع)والموالين في الفترة التي‌ بدأ‌ فيها‌ الإمام بتطبيق مسلك الاحتجاب عن مواليه تعويدا لهم‌ على‌ الغيبة التي سوف يواجهونها في حفيده المهدي(ع).

بعد إستشهاد الهادي(ع)أصـبح أبـو عمرو وكيلا خاصا للإمام العسكري(ع)ذا نشاط‌ ملحوظ‌ وبراعة‌ في العمل. كان يحمل المال في زقاق السمن ويسير على‌ المسلك الذي خطه له الإمام في الإخفاء والتكتم. ويظهر أمام الناس كتاجر إعـتيادي بـالسمن تغطية على حاله ومسلكه‌ وعقيدته‌.

وكان‌ الإمام العسكري(ع)يكثر من مدحه حتى إشتهر حاله وجلالة شأنه وينص‌ الإمام‌(ع)في مجلس حافل بالخاصة يعدون بأربعين رجلا يعرض فيه ولده المهدي(ع)ويـنص عـلى إمـامته وغيبته وينص‌ علي‌ وكالة‌ عـثمان عـن المـهدي(ع)قائلا: «فإقبلوا من عثمان ما يقوله وإنتهوا إلى أمره‌ وإقبلوا‌ قوله‌ فهو خليفة إمامكم والأمر إليه".

وبعد إاستشهاد الإمام العسكري(ع)أصبح عـثمان بـن سـعيد السفير‌ الأول‌ للمهدي‌(عج)وكان يضطلع بالمهمة العظمى فـي ربـط الإمام(عج)بالموالين وتبليغ توجيهاته وتعاليمه إليهم‌ وإيصال‌ أسئلتهم ومشاكلهم وأموالهم إليه وبقي مضطلعا بمهام السفارة حتى وافاه الأجـل ولم يـفته‌ قـبل‌ وفاته‌ أن يبلغ أصحابه والموالين ما هو مأمور به من قـبل المهدي(ع)من إيكال السفارة‌ إلى‌ إبنه محمد بن عثمان وجعل الأمر كله مردودا إليه.

محمد بن عثمان العـمري‌

الشـيخ‌ الجـليل‌ محمد بن عثمان بن سعيد العمري(أبو جعفر)، تولي السفارة بـعد أبـيه بنص من الإمام‌ العسكري‌ حيث قال(ع): «واشهدوا علي أن عثمان بن سعيد وكيلي وأن ابنه محمد‌ وكيل‌ ابـني‌ مـهديكم». وبـنص أبيه علي سفارته بأمر من المهدي(عج).

وكان جميع الموالين مجتمعين عـلى عـدالته‌ وثـقته‌ وأمانته‌، وكلمات الإمام المهدي(عج)فيه متضافرة فقد كان يثني عليه الثناء العاطر‌ ويـشجعه‌ وهـو فـي أول أيام إضطلاعه بمهمته الكبرى.

وكانت التوقيعات تخرج على يده من الإمام المهدي(عج‌)فـي‌ المـهمات طول حياته بالخط الذي كانت تخرج في حياة أبيه. لا يعرف‌ الشيعة‌ في هذا الأمـر غـيره ولا يـُرجع إلى‌ أحد‌ سواه‌ وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ، ومعجزات الإمام‌ ظهرت‌ على يده وأمور أخـبرهم بـها عنه زادتهم في هذا الأمر بصيرة.

وبقي مضطلعا‌ بمسؤولية‌ السفارة نحوا من خـمسين سـنة‌ ، حـيث‌ كان أطول‌ السفراء‌ بقاء‌ في السفارة وأكثرهم توفيقا في تلقي‌ التعاليم‌ من الإمام المهدي(عـج)وأوسـعهم تأثيرا في الوسط الذي عاش فيه والذي‌ كان‌ مأمورا بقيادته وتدبير شؤونه.

وكـان له‌ كـتب مصنفة في الفقه‌ مما‌ سمعه عن الإمام العسكري(ع)ومن‌ المهدي‌(ع)ومن أبيه عثمان عن الإمـامين العـسكري والهـادي(ع).

كان يعلم بإرشاد من الإمام المهدي‌(ع)بزمان‌ موته إذ حفر لنفسه قبرا‌ وسـواه‌ بـالساج‌. يقول الراوي فسألته‌ عن‌ ذلك فقال: أُمرت أن‌ أجمع‌ أمري فمات بعد ذلك بشهرين.

وكان قد أعد لنفسه سـاجة نـقش عليها آيات من‌ القرآن‌ الكريم وأسماء الأئمة(ع)على حواشيها. قال‌ الراوي‌ فـسألته عـنها‌ فقال‌: هذه‌ لقبري تكون فيه ،أُوضع‌ عـليها وأنـا فـي كل يوم أنزل فيه أقرأ جزءا مـن القـرآن وأصعد وإذا كان يوم‌ كذا‌ وكذا من شهر كذا من سنة‌ كذا‌ صرت‌ إلى الله تعالى عز وجل‌.

قال‌ الراوي: ومـا تـأخر الأمر حـتى إعـتل فـمات في اليوم الذي ذكره من الشهر والسـنة التـي ذكرها‌.

ولم‌ يفت‌ أبو جعفر العمري(رض)أن يوصي إلى‌ خلفه‌ السفير‌ الثالث‌: الحـسين‌ بـن‌ روح بأمر من الحجة(ع)وعندما تُوفي دُفـن في شارع باب الكـوفة فـي الموضع الذي كانت دوره ومنازله فيه.

الحـسين بـن روح النوبختي

الشيخ الجليل أبو القاسم الحسين‌ بن روح إبن أبي بحر النوبختي إشتهر أول أمـره كـوكيل مفضل لأبي جعفر محمد بـن عـثمان العـمري حيث كان يـنظر فـي أملاكه ويلقي بأسراره لرؤسـاء الشـيعة الذين حصل في أنفسهم‌ محصلا‌ جليلا لمعرفتهم بإختصاصه بمحمد بن عثمان وتوثيقه عندهم إلى أن إنـتهت الوصـية إليه بالنص عليه. فلم يختلف فـي أمـره ولم يشك فـيه أحـد.

عـلى أن أبا القاسم إبن روح‌ على‌ جلالة قدره وقربه من السفير الثاني وإختصاصه به ،لم يكن خير أصحابه ولم يكن قد عـاش تـاريخا زاهرا بإطراء وتوثيق الأئمة(ع)لذلك إحتاج‌ أبـو‌ جـعفر العـمري مـن أجـل ترسيخ‌ فكرة‌ نـقل السـفارة إليه وتوثيقه في نظر الموالين أن يكرر الإعلان عن مهمته في إيكال الأمر إليه وأن يأمر بدفع أمـوال الإمـام(ع)إليـه قبل وفاته‌ بأعوام‌ بأمر من الإمام المـهدي‌(ع).

وعـندما‌ إشـتدت بـأبي جـعفر العـمري حاله إجتمع لديه جماعة من وجوه الشيعة فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم هذا أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي القائم مقامي والسفير‌ بينكم‌ وبين صاحب الأمـر(ع)والوكيل والثقة الأمين فإرجعوا إليه في أموركم وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك أُمرت وقد بلغت.

تولى الحسين بن روح السفارة فعلا بموت محمد بن عثمان ودامت سفارته‌ حوالى‌ الواحدة والعشرين‌ سـنة وكـان أول كتاب تلقاه من الإمام المهدي(عج)كتابا يشتمل على الثناء عليه وقد دعا له‌ المهدي(ع)في الكتاب وقال: "عرفه الله الخير كله ورضوانه وأسعده بالتوفيق‌ ، وقفنا‌ على‌ كتابه وهو ثـقتنا بـما هو عليه وأنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه زاد الله في إحسانه إليه‌".

‌‌وقد‌ إضطلع أبو القاسم منذ ذلك الحين بمهام السفارة وقام بها خير قـيام وكـان‌ من‌ مسلكه‌ الإلتزام بالتقية المـضاعفة يـحفظ بذلك مصالح كبيرة ويجلب بها قلوب الكثيرين. وقد تولى(رض)أيام‌ سفارته الحملة الرئيسية ضد ظاهرة الانحراف عن الخط وإدعاء السفارة زورا بتبليغ الموالين‌ توجيهات الإمـام(عـج)وبقي‌ مضطلعا‌ بمهامه العـظمى حـتى لحق بالرفيق الأعلى عام 326 ودفن في النوبختية وقبره اليوم في بغداد معروف وهو مقصد ومزار.

علي بن محمد السمري

الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري‌. ذُكر أولا كواحد مـن أصـحاب الإمام العسكري(ع)ثم ذكر قائما بمهام السفارة المهدوية ببغداد بعد الشيخ إبن روح بإيعاز منه عن الإمام المهدي(ع).

تولى السفارة من حين وفاة أبو القاسم بن‌ روح‌ عام 326 إلى أن لحق بالرفيق الأعـلى عـام 329 في النـصف من شعبان فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي(عج)ثلاثة أعوام كاملة.

ولم ينفتح للسمري خلال هذا الزمـان القصير‌ بالنسبة‌ إلى أسلافه القيام بفعاليات موسعة كالتي قاموا بها ،ولم يستطع أن يـكتسب ذلك العـمق والرسـوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه وإن كان الاعتقاد بجلالته ووثاقته كالإعتقاد بهم. ولعل لتلك‌ السنوات‌ المليئة بالظلم والجـور ‌ ‌وسـفك الدماء دخلا كبيرا في كفكفة نشاط هذا السفير وقلة فعالياته ، فإن النشاط الاجـتماعي يـقترن وجـوده دائما بالجو المناسب والفرصة المؤاتية .فمع صعوبة الزمان وكثرة الحوادث‌ لا‌ يبقى هناك مجال مهم لمـثل عمله‌ المبني‌ على‌ الحذر والكتمان.

وهذا بنفسه من الأسباب الرئيسية لإنقطاع الوكالة بـوفاة السمري وعزم الإمام المـهدي(عـج)على الانقطاع عن الناس.

وكان السمري‌(رض‌)قد‌ أخرج إلى الناس قبل وفاته بأيام توقيعا من‌ الإمام‌ المهدي(ع)يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفارة بموت السمري ويمنعه من أن يوصي بعد مـوته إلى أحد ليكون‌ سفيرا‌ بعده‌.

ويقول(ع)فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد‌ السمري أعظم الله أجر اخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فإجمع أمرك ولا توص إلى‌ أحد‌ فـيقوم‌ مـقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلا بإذن‌ الله‌ تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا...".

فكان هذا آخر خطاب خرج‌ من‌ الإمام‌ المهدي(ع)عن طريق السـفارة الخـاصة وآخر ارتباط مباشر بينه وبين الناس في‌ الغيبة‌ الصغرى‌ قضى بعده علي بن محمد السمري بستة أيام فدفن في بغداد حيث يوجد له‌ مزار‌ معروف‌.

المصدر: مجلة بقية الله