وتعرف المدن القريبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط، هجرة المئات من الأشخاص، وفي بعض الأحيان عائلات بكاملها، في قوارب تقليدية، إلى الضفة الشمالية طوال أيام السنة، خاصة مع بداية الصيف.
وصرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى إلى صحافيين في البرلمان، بأنه «أوعز» للأئمة بالمدن التي تشهد خروج الجزائريين من بلدهم، بطريقة غير نظامية، لتشجيعهم على الاستفادة من قروض يتيحها «صندوق الأوقاف». وتوفر هذه الآلية الحكومية فرصاً لإنشاء مؤسسات صغيرة وورشاً لفائدة العاطلين عن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة.
ويطلق على الهجرة السرية بالعامية الجزائرية «الحرقة» وعلى المهاجرين غير الشرعيين «الحراقة»، وهي ظاهرة تثير قلقاً متزايدا في المجتمع إذ تعكس ظروفاً اجتماعية قاسية، تدفع بالعاطلين عن العمل إلى ركوب المخاطر بحثاً عن فرصة تضمن العيش الكريم. ويصل يومياً عشرات الأشخاص إلى سواحل إيطاليا وإسبانيا، فيما يتم اعتقال الكثير قبل السفر.
وقال عيسى: «لا يمكن أن نوجه أي تهمة للحراق، فهو ضحية لعدة عوامل من جملتها أعمال الإحباط التي يعاني منها المجتمع جراء الأخبار التي تنشر في شبكة التواصل الاجتماعي، والتي تبعث على اليأس. لكن الإحباط ينشره أيضاً محترفو السياسة ممن لا يحسنون البناء وإنما يحسنون الهدم»، في إشارة إلى تصريحات قادة أحزاب معارضة هاجموا فيها الحكومة بحجة أن الفساد في المؤسسات والهيئات الحكومية، أفرز فشلاً في التسيير وأنها عجزت عن إنشاء مشروعات في التنمية من شأنها امتصاص البطالة، التي تصل إلى 29 في المائة، حسب المعارضة، بينما لا تتعدى 9 في المائة، حسب وزير العمل والتشغيل مراد زمالي.
وحمّل عيسى المنتخبين المحليين في المناطق التي ينطلق منها المهاجرون السريون، المسؤولية على أساس أنهم لا يسعون لحل مشاكلهم. وأفاد بأنه على استعداد لـ«تنظيم ألف خطبة جمعة، في كل مساجدنا، لو كان ذلك سيجعل شبابنا يبقون في بلادهم ولا يغامرون بالهجرة السرية». يشار إلى أن وكالة الأنباء الحكومية نشرت أمس، أن امرأة توفت في انقلاب قارب لمهاجرين سريين بمدينة مستغانم الساحلية، غرب البلاد.
وأنقذ حراس الشواطئ 4 أشخاص كانوا ضمن المجموعة المهاجرة إلى إسبانيا، فيما تم إحصاء 6 أشخاص في عداد المفقودين.
وجاء في تقرير لـ«الهلال الأحمر الجزائري»، الذي يتبع للحكومة، أن نحو 300 شخص ركبوا قوارب الهجرة السرية عشية رأس السنة الميلادية 2018، باتجاه السواحل الإيطالية. وذكرت «الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان»، في تقرير حديث أنه «من واجب الحكومة الجزائرية النظر في أسباب فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي اعتمدت في الجزائر، والنظر في أسباب إقصاء الشباب من العمل السياسي، وانتشار الفساد واحتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10 في المائة من السكان». وعدت ذلك من أسباب «الحرقة».
ويجري تطبيق قانون منذ 10 سنوات، يعاقب المهاجر غير الشرعي بعامين سجناً نافذاً. كما ينص على إنزال نفس العقوبة ضد الأشخاص الذين يسهلون الهجرة السرية، عن طريق توفير قوارب الإبحار للمهاجرين.
وفي المقابل، تشهد الجزائر «هجرة عكسية» تتمثل في وصول الآلاف من الرعايا الأفارقة إليها بحثاً عن فرصة عمل وبعضهم يتخذها أرض عبور، للانتقال إلى أوروبا.
وجاء في تقرير حديث للبرلمان، حول المهاجرين الأفارقة، أن الجزائر «عرفت في السنوات الأخيرة نزوحاً غير عادي لرعايا دول تقع جنوب الصحراء تعيش حروباً أهلية، فمصالح الدرك والشرطة تتحدث عن اعتقال آلاف المهاجرين سنويا أغلبهم من مالي والنيجر».
المصدر : وكالات