واعتبر الملك عبد الله ان “العمل على بناء الثقة بين الفلسطينيين وواشنطن مهمة للتمكن من إعادة الأمريكيين والفلسطينيين والإسرائيليين الى طاولة المفاوضات”.
كلام الملك الأردني الذي ادلى به اثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، يتناقض كليا مع الموقف الفلسطيني الذي اتخذه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وأعلن فيه وقف جميع الاتصالات مع الإدارة الامريكية الحالية باعتبارها وسيط غير نزيه في "عملية السلام" لانحيازها الكامل الى وجهة النظر الإسرائيلية، ودعمها لتهويد مدينة القدس المحتلة، ونقل السفارة الامريكية اليها.
إقرأ أيضاً: للمرة لأولى... عريقات يكشف تفاصيل "صفقة القرن"
ندرك جيدا ان الملك الأردني تعرض، ويتعرض لتهديدات وضغوط أمريكية كبيرة هذه الأيام، من بينها وقف مساعدات بمليار دولار سنويا، لتخفيف حدة انتقاداته ومواقفه الرافضة لقرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، وهي مواقف وطنية واخلاقية محقة، مثلما نعلم جيدا، ومن خلال تصريحات رسمية، ان لقاءه، أي العاهل الأردني، مع مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، اثناء زيارته الأخيرة للعاصمة الأردنية قبل بضعة أيام حفل بالخلافات حول هذه المسألة، ولكن كيف يمكن ان نتوقع الحد الأدنى من النزاهة من أي رعاية أمريكية للسلام في ظل هذه العنصرية والغطرسة والاحتقار الأمريكي للعرب والمسلمين، واسقاط الهوية العربية والإسلامية عن قبلتهم الأولى؟
اكثر من ربع قرن والعرب والفلسطينيون يضعون كل بيضهم في السلة الامريكية، ويستقبلون ويودعون مبعوثيها، ويشاركون في مؤتمراتها، ويطيعون كل اوامرها، فماذا كانت النتيجة؟
الملك الأردني شكك في المناظرة نفسها في ايمان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بحل الدولتين، لا في الماضي ولا في الحاضر، وهذا تشكيك في محله، ولذا لماذا التمسك بعملية سياسية تدور في دائرة مفرغة عنوانها الخداع وكسب الوقت، للاستمرار في سياسات الاستيطان والتهويد وابتلاع ما تبقى من أراضي الضفة الغربية المحتلة؟
والاهم من كل ما تقدم، ان “صفقة القرن” التي ينوي الرئيس ترامب فرضها على الفلسطينيين بقوة التجويع، وحسب الوثيقة التي قدمها الدكتور صائب عريقات، امين اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، الى دورة انعقاد المجلس المركزي الأخيرة وتتضمن 13 بندا، كان البند الأول فيها الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة اليها، واختيار بلدة ابو ديس كعاصمة لاي دولة فلسطينية مستقبلية، شريطة ان تكون منزوعة السلاح والسيادة ولا تسيطر على حدودها، وضم الكتل الاستيطانية خلال ثلاثة اشهر، واعتراف الفلسطينيين والعرب بيهودية "إسرائيل" كموطن قومي لليهود في العالم بأسره، وتظل المياه الإقليمية، والأجواء والموجات الكهرومغناطيسية، والامن في يد "إسرائيل"، وحصر الحل العادل لحق العودة في الأراضي المحتلة عاك 1967، فكيف يمكن مجرد مناقشة هذه الصفقة، ناهيك عن القبول بها؟
هذه الصفقة اذا كانت هي جوهر العملية السلمية في نظر الإدارة الامريكية الحالية، تشكل إهانة للامتين العربية والإسلامية، ويجب ان تواجه بالرفض الجدي، لان القبول بالرعاية الامريكية لها، هو قبول مسبق بها.
تهويد المدينة المقدسة، والقبول بها كعاصمة ابدية لدولة "إسرائيل" اليهودية، يعني سقوط الولاية الهاشمية عليها ومقدساتها، وبالتالي أي هوية عربية واسلامية لها، ولا نعتقد ان الشعب الأردني الوطني الشريف يقبل بهذه النتيجة المهينة والمذلة لمقدساته المسيحية والإسلامية.
فتاة صغيرة اسمها عهد التميمي، وشهيد فلسطيني مقعد على مرسي متحرك اسمه ابراهيم ابو ثريا هزا المجتمع الإسرائيلي، واصابا نتنياهو بالذعر والخوف، لانهما قالا “لا” كبيرة للاحتلال وكل داعميه، ولا يملكان غير سلاح “الكرامة”.
وصلت سكين العنصرية والاذلال الإسرائيلي المدعوم من ترامب وبنس الى العظم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المصدر: رأي اليوم