كيف ينظر الإمام الخميني الى التربية و التعليم و بماذا ينصح؟

الأربعاء 24 يناير 2018 - 11:39 بتوقيت غرينتش
كيف ينظر الإمام الخميني الى التربية و التعليم و بماذا ينصح؟

الإمام الخمینی (قده) واحـد‌ مـن‌ رجـال‌ الإسلام العظماء، الذین ترکوا بصمات کبیرة وحیَّة فی تاریخ الإسلام. وکان لهم الدور الطلیعی والرائد‌ فی إحـیاء واستمراریة نهج الرسول والأئمة (علیهم السلام) فی هذه الدنیا.

د.بلال نعیم

الإمام الخمینی (قده) واحـد‌ مـن‌ رجـال‌ الإسلام العظماء، الذین ترکوا بصمات کبیرة وحیَّة فی تاریخ الإسلام. وکان لهم الدور الطلیعی والرائد‌ فی إحـیاء واستمراریة نهج الرسول والأئمة (علیهم السلام) فی هذه الدنیا من خلال‌ الجهاد والعـطاء والمعارف التی‌ قدّموها‌ وصـاغوها رؤی وأفـکاراً ومفاهیم للأجیال علی امتداد العالم. فالإمام الخمینی (قده) نجم أضاء فی سماء القرن العشرین و إستطاع أن یشکل ظاهرة فریدة علی کل المستویات. فمن ناحیة الشخص کان مثالاً للکمال‌ الإنسانی فی أروع صورة وعـلی مستوی الدور فقد أسس جمهوریة إسلامیة فی وسط الظلام الحالک الذی یلفّ دنیا الإنسانیة وحیاة المسلمین وعلی المستوی الآخر فقد أیقظ الشرق والغرب علی حقیقة الإسلام‌ وعلی‌ حضور الغیب بقوة فی کلّ العـوالم ومـنها عالم الشهادة.

لقد حوت شخصیة الإمام من الخصائص والمزایا ما یعجز عن تعداده المرء فضلاً عن الغوص فی أعماقها. کما أن الإمام استطاع‌ أن‌ یقدم الإسلام بمضامینه الأصیلة بالأسلوب الذی یحاکی العـصر وفـی الموضوعات التی تلامس حاجات الإنسان کافة. ومن الأصالة فی روح الوحدة للخالق إلی التوزع فی روح الکثرة للکائنات، مدّ خیوط‌ النور‌ التی أضاءت الشرق والغرب وأذنت بانبثاق فجر جدید للأمة الإسلامیة وللبـشریة جـمعاء.

ومن المیادین التی خاض فیها الإمام وکان مجلیاً فیها میدان التربیة والتعلیم حیث رکّز الإمام علی جملة‌ موضوعات‌ أساسیة‌ وحیویة فی هذا المیدان، وسلّط‌ علیها‌ خلاصة‌ فکره النیّر فـبات الإمـام مـربیاً بحق، بل المربی الأکبر فـی هـذا القـرن.

ومن الموضوعات التربویة التی رکّز علیها الإمام:

1- رفض التبعیة‌ الثقافیة‌:

شدد‌ الإمام علی رفض التبعیة لأی جهة لا سیما‌ الغرب‌. والاستقلال علی المـستوی الثـقافی والفـکری بإعتبار أن هذه الاستقلالیة هی الکیان وأن الثقافة هی الهـویة ومـع فقدانهما تفقد الدولة‌ والشعب‌ والأمة‌ الحضور والفعالیة وتصاب بالخواء علی کلّ المستویات. ومن جملة ما‌ قاله الإمام فی هذا المـوضوع:

أ- إذا لم یـحصل الشـعب علی استقلاله الفکري فإنه لن یحقق أي استقلال فی‌ الجوانب‌ الأخری‌.

ب- إن التـبعیة العسکریة یمکن إزالتها، والتبعیة الاقتصادیة یمکن تعویضها، أما التبعیة‌ النفسیة‌ والإنسانیة فهی صعبة جداً.

ج- إذا کانت الشعوب الإسلامیة وحـکوماتها وطـنیة، فـلتسع فی قطع تبعیتها الفکریة مع‌ الغرب‌ والعودة‌ إلی ثقافتها وأصالتها والتعرف إلی الثـقافة الإسـلامیة الراقیة الملهمة من الوحي وتعریفها‌ إلی‌ الغیر‌.

د- یجب علینا أن نعمل فی برامجنا وخططنا البعیدة المدی عـلی تـبدیل ثـقافتنا التابعة للشرق‌ أو‌ الغرب‌ إلی ثقافة مستقلة وکفوءة.

2- دور الجامعة والجامعیین:

قام الإمام (قده) ومـن مـنطلق وعـیه لأهمیة‌ الساحة‌ الجامعیة، خصوصاً المضامین الفکریة التی یتلقاها الجامعیون وتشکل المحتوی الثقافی للخریجین الجـامعیین فـیما‌ بـعد‌. وبلحاظ‌ الدور الریادی الذی یتولاه المثقف والجامعی فی المحیط والمجتمع قام بثورة رائدة جنّد لأجلها‌ طاقات‌ کـبیرة مـن العلماء والمثقفین الذین یمتلکون الثقافة والوعی والعلم من جهة ویمتلکون الأصالة‌ والعمق‌ فـی‌ التـفکیر کـما أنهم قادرون علی تشخیص المصلحة فی التوفیق بین هویة الجمهوریة الإسلامیة وبین المستویات‌ العـلمیة‌ والأکـادیمیة الواقیة. لقد قامت هذه الثورة، وإستطاعت خلال سنوات أن تبدل فی‌ جذور‌ المناهج‌ الجـامعیة فـی العـلوم الإنسانیة والنظریة وأصبح بالإمکان القول بأن الجامعات هی من صلب الثورة ولیست‌ کیاناً‌ نافراً‌ ومـتعارضاً مـع هذه الثورة لأنه بدون هذا التغییر الکبیر فی المضامین الفکریة‌ للمناهج‌ الجـامعیة فـإنه وبـشکل تدریجی سوف تُحکم الجمهوریة الإسلامیة من قبل أناس تابعین للشرق أو الغرب وتنهار‌ الجمهوریة‌ من الداخـل، ومـن أهـم الفقرات التی تسلّط الضوء علی نظرة الإمام الوقادة‌ والثاقبة‌ تجاه حساسیة السـاحة الجـامعیة ودورها:

أ- إن مصیر‌ أي‌ بلد‌ هو بید جامعاتها والذین یتخرجون منها.

ب- أیها‌ الشباب‌ الجامعی أنتم ذخائر هـذا البـلد.

ج- الجامعات بمقدورها أن تغمر العالم بالنور، إن قرنت‌ التعلیم‌ بالخلق الإنسانی وبمسایرة الفطرة الإنـسانیة‌.

د- نـحن‌ إذ نطالب‌ بإصلاح‌ الجامعة‌ والتعلیم لا نرفض وجود الجـامعة بـل‌ نـرید‌ جامعة تخدم البلد والأمة.

3- أهمیة التزکیة المـصاحبة للتـعلم والتعلیم:

لقد شدَّد الإمام‌ ومن‌ صمیم الترکیز الإلهی علی تزکیة النفوس‌ قبل التـعلیم عـند الإشارة‌ إلی‌ مهام الأنبیاء ودورهـم وذلک مـن‌ خلال‌ مـا ورد فـی آیـات عدیدة خصوصاً تلک التی تتحدث عـن حـرکة النبی الأعظم‌ صلوات‌ الله علیه وعلی آله، وانطلاقاً‌ من‌ هذه‌ الحقیقة الإسلامیة والقرآنیة‌ مـن‌ جـهة ومن الحقیقة الإنسانیة‌ والاجتماعیة‌ من جـهة أخری، أکد الإمام الخـمینی (قـده) علی أسبقیة التربیة أو مساوقتها للعـلم الذي هو‌ في نظر الإمام عبادة أساسیة وهو‌ فی‌ هذا المجال‌ یقول‌:

أ- التربیة‌ قـبل التـعلیم، وإن لم‌ تکن قبل فعلی الأقـل لتـقترن بـه.

ب- إن التعلیم والتعلم هـما عـبادة دعانا الله تعالی وتبارک‌ إلیـها‌.

ج- إن العـلم إذا خلا من العمل‌ والتقوی‌ یکون‌ فی‌ أکثر‌ الأحیان مضراً.

4- دور‌ المعلم‌ فی المجتمع:

کون الإمـام إعـتمد فی ثورته علی أناس کانوا أطـفالاً فـی فترة تـحضیره للثـورة وتـربوا‌ علی‌ أفکاره‌، فباتوا شـباباً ثوریین تحرکوا في كل المجالات‌ وحققوا‌ الانتصار‌ العظیم‌، لذا‌ فإن‌ الإمام أولی موضوع التربیة للأجیال الناشئة أهمیة کـبیرة عـلی صعید المدارس ودور التعلیم. وکون العنصر الأسـاسی فـی عـملیة تـربیة الأطـفال هم المعلمون. أکـد الإمـام علی هذا الدور‌ وعلی حساسیته فی الاتجاهین الإیجابي والسلبي، وفی هذا المجال یقول الإمام:

أ- إن دور المعلم فی المـجتمع هـو دور الأنـبیاء، ودور المعلم حسَّاس ودور مسؤولیة وأهمیة دوره فی التربیة التـی تـعني‌ الخـروج‌ مـن الظـلمات إلی النـور.

ب- لو صلح المعلم والمثقف لصلح البلد ولو إنحرفا لخربت البلاد.

المصدر: مجلة بقية الله