عندما يصبح الفكر إنسانا يصبح الإنسان فكرا منيرا لحياته ومستقبله، وعندما يصبح الجرح وطنا يصبح الوطن جرحا على كل مفاصل الحياة..
فمابين الحين والآخر نرى جراحات الشعب اليمني وهو في حالات الإعتداء الاجرامي الممنهج الذي طال كل مقومات الحياة الإنسانية، ولم يراع أي حقوق مدنية؛ بل جابه حروب الاستعمار البريطاني والفرنسي في حقبات القرن التاسع عشر على الجزائر وتونس وجنوب أفريقيا بكل إجرامه وحقده وظلمه، وقدم تصورا واضحا للظلم المتعمد ضد شرائح الشعب اليمني الذي أصبح له أكثر من1000يوم يعاني من آثار القصف والتدمير والاجرام والابادة الجماعية ..
العالم اليوم أصبح يرى كل هذا الجرح وكأننا في قضايا منسية غاب عنها الزمن وأصبح حديث الناس في حياتهم العملية والاجتماعية تتحدث عن ما هو مصير ومستقبل كل فرد منا دون الاهتمام بقضايا الآخرين، والتي تعد جزءا أساسيا ومهما في معرفة أنماط وثقافة المجمتع وتطوره ..
الرقم اليوم في اليمن تجاوز الـ 1000يوم من الحرب المفروضة عليها إقليميا ودوليا وربما يتزايد هذا العدد دون أي اهتمام أو توقف لمعرفة سبب هذا العدد بالنسبة لتاريخ الشعب اليمني المظلوم، الذي قدم كل ما يملك من قدرات بشرية وعلمية وثقافية ليحافظ على القيم المعنوية لتاريخ العرب والمسلمين، والمصاديق كثيرة حول ذلك. ولعل أبرزها وفاء أهل اليمن لحق الجوار طيلة تاريخه وتقديم العون لكل المتضررين أو المضطهدين من قبل الإستكبار البريطاني في حقبات القرن الثامن والتاسع عشر على جفرافية العالم العربي وصولا إلى قضية فلسطين المركزية والتي أصبحت غائبة عن أذهان الكثير، وآخرها تصريحات وزير الكيان الصهيوني عند لقائه الرئيس الأمريكي ترامب أنه سيجعل منطقة سيناء المصرية مقرا للفلسطينين ويخرجهم من أراضيهم التي هي حق لهم منذ آلاف السنين ..
دعونا قليلا نتحدث عن جرح وطن لأنني أتحدث بمفردات تجعلني أقف صامتا حول ما يحدث في اليمن دون الالتفاف أو التغير عن أي من هذه المفردات، لأننا نعيش في زمن الحرب الناعمة التي سلبت من أذهاننا الكثير من مفردات الحياة المبدائية والمصيرية والتاريخية، ونقول أننا نعيش في اليمن جرح وطن بأكمله بكل معاناته وأزماته وتحدياته الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، ونقدم ولو عبر هذه الكلمات رسائلنا للذين لا يزالون يفهمون مفردات الحياة الحقيقية والتي تعبر عن ضمائرهم ومعانيهم الوجودية..
حاولوا – اعداء الإنسانية – أن يشوشوا أذهان الشباب اليمني وأن يخلقوا لهم قضايا وهمية تحيدهم وتفقد معانيهم وتجعلهم مصيدة لا يتحركون ولا ينظرون بأفق واسع بل يبقى في دائرة التخلف والمزاجية والعشوائية والتغافل عن كل ما يحدث في أرض اليمن من معاناة إنسانية فاقت كل حدودها ..
ولعل أبرز ما رسم لنا أولئك المتظاهرون بلباس الإنسانية والحيادية هي :
1- فتح المجال للمنح والدراسات التي تتعلق بالجانب النظري والمعرفي حول المسائل الشكلية والكمالية كالفن التصويري والغناء والترجمات من أجل أن يبقى الشاب اليمني محتاجا لمن يرعاه ولا يكون مستقلا بشخصيته وحياته.
2-الرحلات والسفر إلى المؤتمرات والندوات التي تصور الفكر العلماني والشيوعي وتفقد الشاب الملتزم أو المحافظ قيمته المعرفية الإسلامية التي تربى عليها منذ نعومة أظفاره.
3-تقديم المعاناة والحرب في اليمن وكأننا نعيش في صراعات داخلية ومحلية وقبلية وعشوائية دون الخوض في أي تفاصيل منها وتعتيم الصورة الحقيقية للشباب اليمني حتى لايرى أي شيئ ويكون مقتنعا بكل ما يقال .
4- اختلاق الكثيرمن البرامج الغنائية وأبرزها – ارب ايدل – وعمل الحملات الإعلانية العالمية من أجل جلب جميع الانظار وقصر نظر الشاب اليمني وجعله يعيش اللحظه وكأننا في مسرح غنائي يمثل الحضارة والثقافة ويخرج كل ما يتعلق ويعنيه لشعبه ووطنه.
5-عمل الكثيرمن المواقع الالكترونية المجانية التي تروج بشكل يومي عن الثقافات الغربية والاجنبية وتقديما للشباب من أجل تغير الصورة والرؤية وأن يبقى سجين الفكر ولا يفكر إلا بما يراه وكأننا نعيش في عالم الخيال .
جرح وطن هو أننا تغافلنا عن كل ما يحدث في اليمن وأصبح نظرنا شخصيا ووظيفيا ونفسيا ولا يتعلق إلا بالأمور الشكلية والكمالية ونعيش في عالم الأحلام الخيالية إلى أن نفقد سنين عمرنا ثم نبقى على دائري الندم والألام وهذه هي الحقيقة في الشباب اليوم .
ماجد الوشلي/كاتب و إعلامي يمني
المصدر: وكالة مرصد للأنباء