كيف ينظر الإمام الخميني (قده) الى الموت؟

الجمعة 19 يناير 2018 - 18:29 بتوقيت غرينتش
كيف ينظر الإمام الخميني (قده) الى الموت؟

وفي هذا يقول قائد الثورة الاسلامية العالمية: "فصاحب الحق المؤمن بوجود مدبر للعالم وهو الله لا يخشى الموت، فعالَمُ الطبيعة هو أدنى العوالم كما جاء في القرآن، ومادام الملأ الأعلى هو مكان الشهيد فلا خوف عليه.

عمار حسن

لم يكن الموت شبحا مخيفا في حياة الانسان المسلم. الاعتقاد بما وراء الطبيعة بالصورة التي ينقلها القرآن الكريم له آثاره المتميزة في حياة الانسان، ومن أبرز هذه الآثار طريقة النظر الى (الموت).

فالموت في الفكر المادي وحتى عند العديد من الفلاسفة الغيبييّن قيمة سلبية، فهو تعبير عن العدم المحض وإشارة الى تأصيل الشر في هذا الوجود.!! والموت بهذا المقياس الفكري الخاطئ يتحول الى شبح يطارد صاحبه ويرعبه ويفزعه. ولعل من الأسباب التي تدفع بالانسان المادي الى الإنسياق مع اللذات والإنغماس في الشهوات ، محاولة الهروب من ذكر الموت وتصوره ، فهو لا يرتاح لمثل هذه الكلمة ونظيراتها لأنها تنتقل به الى الاحساس بللاشيئ تماما.

أما الموت في الاسلام فهو قيمة إيجابية، وايجابيتها لا تتأتى من حيث كونه ـ أي الموت ـ صورة وجودية من نوع آخر، بل من حيث كونه دافعاً واقعياً نحو الخير والبذل والعطاء. فالإنسان في هذه الدنيا انما وجد للامتحان والاختبار والبلاء، والدنيا دار عبور للجزاء على ما أدى وعمل وأنتج في دنياه وحياته {فَمَنْ يَعملْ مِثقالَ ذَرّة خيراً يَرَه، ومَنْ يَعمَلْ مِثقالَ ذَرّة شَرّاً يَرَه} ولهذا كان تصور ما بعد الموت عاملا رئيسيا في صياغة الإنسان المسلم وكان من أبرز الاسباب التي تحدوه لأن يكون خيراً ايجابياً معطاءً، ونظرا لهذه الإيجابية التي يضفيها الإسلام على الموت، لم يكن الموت شبحاً مخفياً في حياة الإنسان المسلم، واذا كان هناك خوف فليس من باب التصورات العدمية، وإنما من باب التقصير في حق الله والناس، وبهذا يأخذ الخوف من الموت صورتين متناقضتين تبعاً لتباين الخلفية العقائدية، فالإلحاد يؤطر الموت برؤية النهاية التي تنعدم فيها الذات الى الأبد والايمان يؤطر الموت برؤية المسؤولية ضمن حياة جديدة.

وقد جسد أصحاب الحسين عليه السلام هذا التصور العقيدي للموت نظرياً وعملياً . فقد جاء في الروايات أن علي بن الحسين الاكبر سمع والده عليه السلام يردد وهو في طريق كربلاء (انا لله واِنا اِليهِ راجعون) فسأله: أولسنا على الحق؟ فأجاب سيد الشهداء بلى يا ولدي! فقال اذن لا نخشى أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا.

وفي هذا يقول قائد الثورة الاسلامية العالمية: "فصاحب الحق المؤمن بوجود مدبر للعالم وهو الله لا يخشى الموت، فعالَمُ الطبيعة هو أدنى العوالم كما جاء في القرآن، ومادام الملأ الأعلى هو مكان الشهيد فلا خوف عليه، إنما يجب أن يخاف ريكَان وامثاله الذين لا يؤمنون بمثل هذه المسائل، فالخوف هو من نصيب هؤلاء الذين كل همهم أن يصلوا الى القدرةِ أو يقوموا بجريمة لأيامٍ معدودة. أما شبابنا الذين يؤمنون بما وراء الطبيعة ويعتبرون الشهادةَ فوزاً عظيماً فلا يخشون شيئا..." والشهادة حصيلة هذا الإيمان الرائع بالقيمة الايجابية للموت ، فان الإقبال على الموت بطمأنينة قلب ورحابة صدر... إنما يُلَخصُ تصديقاً بعالَمِ ما وراء الطبيعة ويكشف عن رغبة عارمة في لقائه تعالى ويشير إلى تحريرٍ كاملٍ من الخوف بمعناه السلبي. يقول الإمام :" من يطلب الشهادة لا يخاف من شيئ ولا يخاف من أن يقوم ريكَان بإرسال قواته ليحقق لهم هذه الشهادة ولذلك فنحن لا نعبأ بمثل هذه الأمور..." لقد أصبحت الشهادة عند شبابنا المسلم في الجمهورية الإسلامية رغبةً وطريقاً وأمنِيّةً وتلكم من آثار الإيمان العميق بالله، فما على الشباب المؤمن إلا أن يَجِدَّ ويسعى لتعميق إيمانه بالحق حتى يرتفع إلى هذا المستوى الرائع و الرفيع.

المصدر: دار الولاية و الثقافة للإعلام