فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)، أكبر بنات الإمام الحسين (ع) وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وكانت موجودة في واقعة الطف، وسبيت مع بقية السبايا، كما ولها مكانة خاصة لروايتها الحديث عند العامة والخاصة، بالأخص في ما يتعلق بـأهل البيت(ع). توفيت حوالي سنة 117 للهجرةٍ.
النسب
أبوها: الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب. وأمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية. وكانت أكبر من سكينة عندما أدخلوهم على يزيد.
الولادة
لا يوجد تاريخ دقيق لولادتها في المصادر المتوفرة، إلا أن الإمام الحسين تزوج أمها أم اسحاق بوصية من أخيه الإمام الحسن، وذلك بعد أن كانت متزوجة من الإمام الحسن، فبناء عليه يقدر ولادتها بعد شهادة الإمام الحسن سنة51 من الهجرة النبوية. يقول البعض أنها ولدت في العام 40 هـ بالمدينة المنورة.
الزواج والأولاد
سأل الحسن المثنى بن الإمام الحسن عمه الإمام الحسين (عليه السلام) أن يزوجه إحدى ابنتيه، فقال له الحسين (عليه السلام): (اختر يا بني أحبهما إليك)، فاستحيى الحسن ولم يحر جواباً، فقال له الحسين (عليه السلام): "فإني اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أكثرهما شبها بأُمي فاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه واله).
فتزوجها الحسن المثنى، وقد أنجبت ذرية طيبة خرجوا وقُتلوا، منهم إبراهيم الغمر، والحسن المثلث عبد الله المحض، الذي قبض عليهم أبو جعفر المنصور وحبسهم، وتوفوا في حبسه عام 145 هـ.
ولما توفي الحسن المثنى ضربت زوجته فاطمة على قبره فسطاطاً، وكانت تقوم الليل وتصوم النهار، وكانت تشبه بالحور، فلما كان رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط.
إذن تزوجت فاطمة من إبن عمها الحسن المثنى و ولدت منه عبد الله المحض، وإبراهيم الغمر، والحسن المثلث، وزينب.وحكي أنها بعد وفاة الحسن المثنى تزوجت بعبدالله بن عمرو بن عثمان، و ولدت منه محمد المعروف بالديباج، القاسم ورقية.
كان أولادها وأحفادها يحظون بمكانة مرموقة آنذاك، الأمر الذي جعلهم ما بين مطارد، ومضطهد، وسجين، وقتيل، وذلك على يد الحكم العباسي.
الخصائص
جلالة هذه العلوية المخدرة وعظم شأنها، أوضح من أن يحتاج إلى بيان، وإقامة دليل وبرهان.
كانت فاطمة كريمة الأخلاق حسنة الأعراق، كما أنها كانت تشبه جدتها فاطمة الزهراء (عليها السلام). فهي عالمة، محدثة، مجاهدة، تركت أثراً لا يمحى في التاريخ الإسلامي، وإليها وإلى غيرها من بنات أمير المؤمنين (عليه السلام)يرجع الفضل في نجاح ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته الدامية، فقد قضَت عمرها الشريف المبارك في العلم والجهاد، شأنها شأن آبائها الصالحين فكانت عابدة زاهدة، تصلي الليل، وتصوم النهار، وكانت تسبح بخيط معقود فيها.قال فيها الإمام الحسين (عليه السلام(:"أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار."
مكانتها:
مما يدل على مكانتها عند الإمام الحسين (عليه السلام)، ورجاحة عقلها، ومعرفتها التامة بنصوص الإمامة، هو إيداع أبوها (عليه السلام) وصيته عندها يوم عاشوراء.
يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (لما حضر الحسين (عليه السلام)ما حضره ،دفع وصيته إلى ابنته فاطمة، ظاهرة في كتاب مدرج، فلما أن كان من أمر الحسين (عليه السلام) ما كان ، دفعت ذلك إلى علي بن الحسين (عليه السلام).
وهي أُخت الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وأُخت سكينة، وهي من رواة الحديث، فقد روت عن جدتها فاطمة الزهراء (عليها السلام)مرسلاً، وعن أبيها وغيرهما، فحديثها مشهور، وروى لها أهل السنن الأربعة.
حضورها في واقعة الطف وما بعدها
شاهدت السيدة فاطمة الكبرى كل ما جرى على أهل البيت (عليهم السلام)، من قتل وسبي، وكانت ضمن السبايا اللواتي ساقهن إبن سعد إلى الكوفة، وقد أخذ رجل حليها وبكى، فقالت له: لم تبكي؟ فقال: أأسلب بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) ولا أبكي؟ قالت: فدعه، قال: أخاف أن يأخذه غيري.
وفي الكوفة، أُدخلت السبايا، فكان لفاطمة دورها، فبعد أن انتهت عمتها زينب (عليها السلام)من خطبتها، وقفت فاطمة بقلب كله عزم وإيمان وثبات ويقين، وضمير صالح صادق، تخطب بأهل الكوفة، وتكشف فضائح الأمويين.
قصتها في الشام:
قالت فاطمة: ولما جلسنا بين يدي يزيد رق لنا، فقام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، وكنتُ جارية وضيئة، فأرعدتُ وظننتُ أن ذلك جائز لهم، فأخذتُ بثياب عمتي زينب، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون، فقالت عمتي للشامي:"كذبتَ والله ولؤمت، والله ما ذاك لكَ ولا له".
فغضب يزيد فقال: كذبتِ والله، إن ذلك لي، ولو شئتُ أن أفعل لفعلت.
قالت زينب: "كلا والله ما جعل الله ذلك لكَ، إلا أن تخرج عن ملتنا وتدين بغيرها"، فاستطار يزيد غضباً وقال: إياي تستقبلين بهذا، إنما خرج من الدين أبوك وأخوك.
قالت زينب: "بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدكَ وأبوك إن كنت مسلماً"، فقال يزيد: كذبتِ يا عدوة الله.
قالت زينب: "أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك"، فكأنه استحى وسكت، فعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: أعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً.
ولما أُدخلت السبايا على يزيد والرأس بين يديه جعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لينظرا إلى الرأس، وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس، فلما رأين الرأس صحن، فصاح نساء يزيد وولولت بنات معاوية، فقالت فاطمة: أبنات رسول الله سبايا يا يزيد، فبكى الناس، وبكى أهل داره حتى علت الأصوات .
شعرها في الحسين(ع) :
لهذه المرأة العظيمة شعر في رثاء أبيها الحسين(ع):
نعق الغرابُ، فقلت: مَن تنعاه ويحك يا غرابْ
قال: الإمام، فقلت مَن قال: الموفق للصواب
قلت: الحسين، فقال لي بمقال محزون أجاب
إن الحسين بكربلاء بين الأسنة والحراب
أبكي الحسين بعبرة ترضى الإله مع الثواب
ثم استقل به الجناح فلم يطق رد الجواب
فبكيت مما حل بي بعد الرضى المستجاب
الوفاة
توفيت حوالي عام 117 للهجرة في المدينة المنورة. إلا أن هناك من يقول أنها توفيت في سنة110 هـ.وكذلك قيل: إنها مدفونة في مصرخلف الدرب الأحمر في زقاق يعرف بزقاق فاطمة النبوية في مسجد جليل، ومقامها عظيم وعليه المهابة والجلال. وبأعلى القبر لوح من الرخام منقوش عليه بخط بديع :
أسكنت من كان في الأحشاء مسكنه بالرغم مني بين الترب والحجر
يا قبر فاطمة بنت ابن فاطمة بنت الأئمة بنت الأنجم الزهر
يا قبر ما فيك من دين ومن ورع ومن عفاف ومن صون ومن خفر
روايتها للأحاديث
•روت عن جدتها فاطمة مرسلاً وأبيها الحسين بن علي وعمتها زينب بنت علي وأخيها علي بن الحسين. حديثها مشهور، وروى لها أهل السنن الأربعة.
مستودع الأسرار
وهذا ما أشار إليه الكليني عن رواية مرفوعة لأبي جعفر الباقر(ع) قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره، دعا إبنته الكبرى فاطمة بنت الحسين(ع)، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا، والله إن فيه، الحدود، حتى أن فيه أرش الخدش.
المصدر: موقع قادتنا و ويكي شيعة