عبد الملك سام
قيل أن العدل أساس الملك، وهذه المقولة فيما تختصر تبين الطريقة والنتيجة في آن واحد، وتوضح أهمية “مبداء العدالة” لضمان الإستقرار في أي مجتمع والذي بدوره يؤدي إلى تطور ورقي المجتمعات. وعكس العدل هو الظلم الذي يؤدي إلى غياب الأستقرار وإنتشار الفساد وغياب التنمية وإضمحلال أي مجتمع، لينتقل من سيئ لأسواء، ويعاني لفترات طويلة من آثار سيئة تنتهي بزوال المجتمعات وإندثار الحضارات.
المراقب للمجتمعات العربية يعرف هذه الحقيقة من خلال المنحدر المفزع الذي تعاني منه هذه المجتمعات وفي كل المجالات التي تتفاوت في حدتها من مجتمع لآخر! من معدلات التضخم والبطالة وإنهيار القطاع الزراعي والأقتصادي والصحي وتدني مستوى الخدمات والسلع والإضمحلال الأخلاقي وتفشي الجرائم وتفكك الأسر وأنتشار الفساد المالي والإداري والتطرف والإضطهاد …الخ. والكثير من هذه المؤشرات تدل توجه العرب نحو مستقبل أسود قد ينتهي بنا بأن نصبح مجرد قبائل مندثرة كما حصل مع الهنود الحمر!!
لا تستغربوا هذا الكلام، فقط قوموا بالتفكير لحظة وقارنوا آثار هذه الظواهر خلال 10 و 20 و50 سنة فقط!! وستصلون لما أرمي اليه بكلامي، فهناك أنهيار متصاعد في كل المجالات رغم التطور العلمي الرهيب الذي حصل خلال القرن الماضي!! وأكاد أجزم أننا سنصل بتحليلنا هذا لقناعة بأن العرب يقبعون في وسط دوامة تهوي بهم نحو الأنقراض كأمة!! ولن نتكلم هنا عن دور انظمة عالمية بعينها في تحفيز وتسريع هذا السقوط فالشرح سيطول بنا حول الخلفيات والدوافع والأسباب …الخ.
مايهمنا هنا هو الموضوع الرئيسي الذي تكلمنا عنه في بداية المقال.. مبداء “العدالة” الذي لأهميته جعلنا الله خلفاء في الأرض، والمبداء الذي يضمن لنا تعمير هذه الأرض. السر الذي تسبب عند أهماله أندثار حضارات وأنقراض مجتمعات، وسر أزدهار مجتمعات كانت تقبع في أسفل الهرم الحضاري للأمم وفي فترات قصيرة!! هو الميزان الذي أنضبط به هذا الكون الدقيق في تكوينه.
الرسالة هنا هي بأنه بقليل من العدل نستطيع أن نحفظ مالا ونبني مصنعا يوفر عملا ودخلا فيبني مسكنا لمجموعة من الناس. العدل يضمن الأستقرار لحي فمدينة فبلد فدولة، ويضمن تحسين التعليم والصحة والزراعة والصناعة. بقليل من العدل تنمو وتزدهر التجارة وزيادة تدفقات الأموال وإنشاء الأعمال ويتحول أي بلد منهار خلال سنوات قليلة إلى بلد عظيم وناجح. ولحسن حظنا فالمنهج موجود متمثلا بأعظم تشريع الآهي أنزل للناس وعلى يد أعظم البشر، وهو منهج تعرض للإستهداف على مر العصور على يد أعدائه اليهود الذين نجحوا في جعلنا ننحرف عن تطبيقه بالشكل الصحيح.
وفي بلدنا الحبيب اليمن.. أصبح لدينا بصيص أمل بغد أفضل بعد أن بدأنا نتخلص من أغلال التسلط التي كبلتنا لعقود لدول تعمل لخدمة مشروع نظام عالمي جديد، يستهدف الدول العربية والإسلامية بشكل خاص، ويريد أن يشرذم الأمة ويمتص ثرواتها ويستعبد البشرية.
نحن على اعتاب نصر تأريخي مؤزر نخرج به من واقع مر كانت خاتمته شنيعة لولا فضل الله الذي أعاننا بنهج الحق والخير لنكون أمل شعوب المنطقة المضطهدة.. فلنتحمل هذه المسؤولية العظيمة التي يعلم الله بلطفه أننا بأذنه قادرون على تحملها، لننشر العدل في أرض ملئت ظلما وجورا. وليكن العدل أساسا لنا في كل ما نفعله، ولندرسه لأجيالنا في المناهج وفي تصرفاتنا وعلى مستوى كل بيت وكل مؤسسة. هذا المبدأ ، فيما سيؤدي له من نتائج ، سيؤدي لوقف العدوان وتحرير الأرض وقيام أمة عظيمة.. لينطلق في تطبيقه الرئيس والوزير والموظف والمدرس وحتى رب المنزل.. (إعدلوا) تنهضوا.
المصدر:عين الحقيقة