حالة من القلق اعترت كثير من المتعاطفين مع إيران الإسلامية علنا أو (سرا) ونعني بذلك قطاع لا يستهان به من المصريين الذين يرون في هذا البلد خصما عنيدا للاستكبار العالمي وحليفه الوهابي وإن لم يكونوا من أهل السياسة أو المهتمين بالشأن المذهبي.
على الطرف الآخر انبرى الفريق الوهابي مهللا ومرحبا (بالثورة الجديدة) و(الربيع الإيراني) من دون تمهل ولا تريث حتى تنجلي الغبرة لنعرف حقيقة ما يجري وهل هي ثورة حقيقية أم مجرد أعمال شغب مهما كان الواقفون وراءها.
بداية لا يليق أن يسارع المرء باتهام الغاضبين بالعمالة لأمريكا أو إسرائيل دون أدلة أو براهين نعتقد أن السلطة الإيرانية ستقوم بكشفها للرأي العام الإيراني -حال وجودها- ويقينا فهناك أسباب لهذه الهبة بعضها داخلي والبعض الآخر ناتج عن الضغوط التي يمارسها الاستكبار العالمي والحصار الذي تعيشه إيران منذ فجر ثورتها عام 1979.
لم يكن تخفيض أسعار النفط ليصل إلى ثلث قيمته خلال الأعوام الثلاثة الماضية عملا عشوائيا بل إجراء مخططا تحدث عنه الخبراء علانية في مواجهة الضغوط والمطالب المتزايدة بسبب موقف إيران الصلب الداعم لسوريا والعراق وهو إجراء عانى منه الاقتصاد النظام السعودي اليد المنفذة لتلك المؤامرة والذي بدأ يعاني الأمرين بسبب فشل هذه الضغوط في إجبار إيران على ترك سوريا ليلتهمها الصهاينة وآل سعود.
اليوم فقط رفع نظام السعودي أسعار الوقود بنسبة 130% إلا أن القبضة الحديدة تمنع شعب الجزيرة العربية ليس فقط من التظاهر بل من مجرد الاحتجاج اللفظي ويكفي أن يسجن خبراء الاقتصاد الذين اعترضوا ومن وجهة نظر فنية بحتة على هذه الإجراءات لنعرف مصداقية هذا النظام الذي يطالب بالديموقراطية في إيران ويحظر على شعبه مجرد التعبير عن الرأي.
حرب مستمرة تعيشها المنطقة بأسرها منذ سنين أكلت الأخضر واليابس ليس في إيران وحدها بل في دول عاش أهلها حال الترف والرخاء الذي بلغ حد البطر وهاهي البي بي سي تنقل ما وصلت إليه ممالك البطر، (يستعين مغردون سعوديون بهاشتاغ#الراتب_مايكفي_الحاجه للتعبير عما وصفوه بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار مقابل تدني الأجور، جاء هذا بالتزامن مع إعلان دول خليجية بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع، تنفيذا للاتفاق الذي توصلت إليه دول مجلس التعاون الخليجي في يونيو/حزيران 2016، بهدف مواجهة انخفاض أسعار النفط).
وبينما يهلل يتامى ومطلقات ابن سلمان (للربيع الإيراني) الذي يوشك حسب أحلامهم أن يسقط القلعة من الداخل تقول البي بي سي (تقتصر الاحتجاجات على جيوب صغيرة نسبيا وغالبيتها من الذكور المحتجين، الذين يطالبون بالإطاحة بنظام الملالي. وانتشرت المظاهرات في المدن الصغيرة بجميع أنحاء البلاد وهناك فرصة أن تتطور ويزداد حجمها).
لو كان المهللون (للثورة الإيرانية) يشفقون حقا على الشعب الإيراني، فليشفقوا أولا على شعوبهم وليوقفوا حروبهم الفاشلة وليكفوا عن قتل النساء والأطفال وقصف المساجد والمستشفيات والمدارس.
*الدكتور أحمد راسم النفيس