شولاميت كيشك كوهين، جاسوسة إسرائيلية، تدعى "شولا" أو "لؤلؤة الموساد" تجسست لأكثر من عقد من الزمن في لبنان على أجهزتها الحكومية في ستينيات القرن الماضي، وقامت بتهريب يهود وأموال إلى" إسرائيل".
المرأة التي يمكنها أن ترتقي بوطنها و تقوده إلى الإصلاح و تكون حمامة السلام في العالم يمكنها أيضاً أن تسبب في الخراب و تكون مصدر الشر على الكثير من الناس و لذلك قال الله كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) فهي لديها ما يكفي من الذكاء و الدهاء لكي تنشر السلام أو تتسبب في إقامة الحروب و الدمار ، و لقد تحدثنا أكثر من مرة عن جاسوسة عملت لصالح إسرائيل و هنا نتوقف لحظات أمام سؤال محير كثيراً لماذا المرأة على وجه أخص؟ هل كان يعلم الكيان الصهيوني تماماً أن المرأة أقوى سلاح يمكن له استخدامه ؟ من المؤكد أنهم كانوا يعلمون هذا تماماً ، و الجاسوسة التي سوف نتحدث عنها اليوم تعد أخطر جاسوسة إسرائيلية عرفها الشرق الأوسط حيث أنها تمكنت من خلال عملها من الوصول إلى مراكز القرار ونسج علاقات مع شخصيات سياسية هامة جداً، و كانت قادرة على الحصول على معلومات في غاية الأهمية تخص سوريا و لبنان ، و لذلك أطلق عليها الموساد لقب لؤلؤة الموساد ، و بالنسبة لنا هي لؤلؤة الشر ، و نحن اليوم من خلال هذا المقال سوف نتناول معاً السيرة الذاتية لها و سوف نخبركم بما فعلته و ما هي نهايتها .
تاريخ الميلاد : ولدت في عام (1917).
محل الميلاد : بوينس آيرس، الأرجنتين .
النشأة : كما ذكرنا من قبل أنها يهودية ولدت في الأرجنتين و انتقلت مع عائلتها إلى عدة دول من بينهم العراق ثم إلى فلسطين و عاشت مع عائلتها في القدس .ثم بعد ذلك أصبحت حياتها الأسرية في انهيار كامل و شهدت حوادث مأساوية حيث قتل أخيها و والدها في انفجار عبوة ناسفة في عملية فدائية قام بها بعض الفلسطينيين من أجل الدفاع عن أرضيهم المحتلة ؛ و كانت شولا في هذا الوقت مازالت شابة صغيرة و لكن لم تتوقف المشاكل في حياة شولا عند هذا الحد،حيث أن بعد عام واحد فقط من موت شقيقيها و والدها توفيت والدتها ، و بعد فترة تركها شقيقها الأكبر و تخلى عنها تماماً لتصبح وحيدة ، حاولت أن تجد حبيبا فيما بعد ، فتعرفت على شاب إسرائيلي يدعى ” عازار ” و بما أنّ الصهاينة كانوا دائماً يسعون إلى اغتصاب الأراضي الفلسطينية و عندما كان حبيبها يشارك في عمليات اغتصاب الأراضي ، تم قتله . و هنا شعرت شولا بكره شديد نحو العرب غير مدركة أن اقاربها الذين قتلوا إنما قتلوا بسبب اعتدائهم على حقوق شعب أغتصبت أرضه من قبلها و قبل مسؤوليها، و ما فعله الفلسطينيون كان مجرد دفاع عن النفس .
بداية عملها في الموساد : بحثت شولا كثيراً عن عمل حتى تتمكن من الإنفاق على نفسها . في النهاية وجدت عمل في عيادة في شارع “تساهالون هاروفيم”، في “تل أبيب” و قد ساعدها جمالها الباهر في الحصول على العمل. و خلال عملها بهذه الوظيفة تعرفت على ضابط إسرائيلي يعمل بالموساد و تكونت بينهما علاقة وثيقة حيث أنه وجد فيها جميع المؤهلات التي تجعلها جاسوسة ماهرة. و بالطبع بعد ما أعطاها الكثير من المال و الهدايا ، صرح لها بأنه يريد تجنديها لصالح الموساد و وعدها بالحياة التي تحلم بها أي فتاة في عمرها ، ولذلك لم تتردد شولا في القبول و بالفعل بدأت عملها في عالم الجاسوسية و التحقت بـ المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة)الموساد) وهي جهاز أمني سري يعمل خارج إسرائيل، وعملت في الوحدة رقم 504 للجهاز.. خلال تدريبها أبهرت شولا الجميع بذكائها و جمالها و لذلك وجد الموساد أن أفضل عمل لها هو جذب رجال كبار الجيش والمجتمع فتم تعليمها اللغة الإنجليزية و الأتيكيت و بعد فترة وجيزة أصبحت شولا امرأة قادرة على الإيقاع بأي رجل في العالم .
صورة لشولا كوهين في شبابها
عمل شولا كوهين في بيروت : إنتقلت شولا إلى بيروت و هناك بدأت أول مهمة لها حيث إمتلكت هناك شقة فخمة جداً و انتحلت شخصية مندوبة لإحدى الشركات السياحية الأوروبية جاءت للبحث عن وكلاء لها في لبنان. و بدأت بتكوين علاقات مع أكبر موظفي الدولة و أصبح صالون منزلها المكان المفضل لعليا القوم من رجال السياسية و رجال الجيش و رجال الأعمال الذين يتحكمون بأمور المال و الإقتصاد و نساء تبحث عن الشهرة و المال. و إستطاعت شولا معرفة الكثير من المعلومات الأمنية و السياسية و الإقتصادية التي تخص لبنان و أيضاً كانت قادرة على تجنيد الكثيرين،و كل هذا من خلال الفتيات الجميلات الذين عملوا لديها ، فكان الجنس والدعارة بالإضافة إلى المال من أهم الوسائل التي استعملتها الجاسوسة الإسرائيلية للحصول على معلومات حساسة.كما أنها كانت شخصية محورية في أنشطة تهريب اليهود من لبنان ودول عربية أخرى إلى إسرائيل ، فساعدت في إنشاء الشبكة التي تأسست من أجل تهجير يهود لبنانيين ويهود عرب إلى إسرائيل عبر الممرات الجبلية اللبنانية.
حياتها الشخصية : كان يجب على شولا أن تتزوج حتى لا تلفت الأنظار ، فتزوجت من رجل يهودي لبناني يدعى جوزيف كيشيك و كان هذا الرجل تاجرا ثريا و شهيرا جداً ، و أنجبت منه إبنها" إسحاق لفنون" الذي شغل فيما بعد منصب سفير إسرائيل في القاهرة من نوفمبر 2009 حتى ديسمبر 2011 ، و بعد الزواج استمرت في عملها و قامت بزرع أحدث أجهزة التصنت في هذا الوقت بمنزلها من أجل تسجيل كل ما يدور من مقابلات و أحاديث للشخصيات الرفيعة التي تتردد الى منزلها .
وقالت شولا-في المقابلات العديدة التي أجريت معها بعد عودتها إلى إسرائيل- إن زوجها لم يعلم طوال الوقت بأنها كانت جاسوسة وأنها هربت اثنين من أولادها السبعة لإسرائيل، وأقنعت زوجها بأنهما في إجازة وسوف يعودان. كما هربت أكثر من ألف يهودي من لبنان إلى إسرائيل.
القبض على شولا كوهين : في عام (1962) و بعد أربعة عشر عاماً ألحقت فيهم شولا الضرر بلبنان و تمكنت من تخريب إقتصاده ، تم كشف أمرها بالصدفة عندما كانت الحكومة بلبنان تحقق في عملية تزوير طوابع بريدية ، فتوصلت التحقيقات إلى إسم رجل لبناني يدعى محمود عوض تم وضعه تحت الرقابة ، و عند مراقبته تبين أنه على صلة بسيدة تدعى شولا كوهين التي تم مراقبة هاتفها .ثم اكتشفت الأجهزة الأمنية شيئا غريبا جداً و هو أن أغلب إتصالات شولا مشفرة مما زاد من الشكوك حولها و دفع بأجهزة الأمن إلى وضع أجهزة تصنت بمنزلها . و في أقل من شهر فضح أمرها فدهمت الشرطة منزلها و تم القبض عليها و حكم عليها بالإعدام .
إطلاق سراح شولا كوهين : عرفت إسرائيل بحمايتها لعملائها المخلصين ، لذلك كان لا بد من الاهتمام بقضية صهيونية مثل شولا كوهين بكل ما قدمته من خدمات إليها . فأرسلت أكبر و أشهر المحامين للدفاع عنها حتى تم تخفيف عقوبتها إلى السجن لمدة عشرين عاماً، و لكن بالطبع ليس هذا ما تريده إسرئيل لذلك اتصلت الحكومة الإسرائيلية بلجنة مراقبة الهدنة التي تعمل على الحدود بين البلدين منذ عام 1949، وطلبت تدخلها لدى الحكومة اللبنانية للبحث في إطلاق سراح شولا مقابل الإفراج عن عدد من المعتقلين العسكريين لديهم ، و بالفعل تمت عملية التبادل و تم الإفراج عنها .
الأوسمة والجوائز
بالنظر إلى المعلومات القيمة التي قدمتها للمخابرات الإسرائيلية، كرم جهاز المخابرات شولا، وحصلت على ألقاب منها "جيمس بوند إسرائيل" و"الأم الحنونة".
وفاتها:توفيت شولا كوهين في ليل الاثنين 22 مايو/أيار 2017 بأحد مستشفيات القدس بعد ما عاشت حياة مرفهة و كريمة بدون أن تحاسب على كل ما فعلته من جرائم. وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاثنين "وداع... الجاسوسة الإسرائيلية رقم واحد في لبنان" معلنة وفاتها في القدس عن عمر ناهز المئة عام .
وقال عنها ابنها إسحق لفنون الذي كان سفيرا في مصر خلال الفترة ما بين 2009 و2011 "والدتي كانت ساطعة التفكير حتى لحظاتها الأخيرة بصورة لا تصدق".
المصدر: موقع الجزيرة و المرسال