واضاف غيورغ ماسن أن التطرف منتشر بشكل أكبر في شبكة الإنترنيت ، وان هناك شبكات سلفية نسائية تتكون ويصعب اختراقها من طرف أجهزة الاستخبارات.
تقارير استخباراتية المانية سابقة ذكرت ان هناك نحو 44 ألف سلفي يعيشون في المانيا، وعزت هذه التقارير اسباب الزيادة السريعة باعدادهم إلى الحرب الدائرة في سوريا وظهور “داعش”، وموجة اللجوء الكبرى التي شهدتها المانيا هذا العام.
هذه كانت بعض جوانب تقارير الاستخبارات الالمانية وحول ظاهرة انتشار السلفية والتكفير في المانيا وخطرها على المجتمع الالماني ، وهي تقارير لا تعدو كونها احصائيات وارقام عن الظاهرة ، ولا ترقى الى مستوى البحث عن اسبابها واساليب مواجهتها واجتثاثها لانقاذ الجالية الاسلامية منها قبل المجتمع الالماني.
المتتبع لهذه التقارير يصاب بالدوار لكثرة الارقام والاحصائيات عن عدد السلفيين وانتشارهم ، وعدد الخطرين منهم ، وعدد من ذهب الى سوريا ، وعدد من عاد منها ، وعدد من قُتل فيها ، مع مراقبة تحركاتهم وانشطتهم واستخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي وما الى ذلك من مراقبات.
على سبيل المثال المركز الأوربي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب في المانيا ، يعمل على رصد تحركات الجماعات التكفيرية في المانيا ، ففي تقرير للمركز بقلم الباحث في قضايا الارهاب جاسم محمد ، يتم التطرق الى موضوع عودة المقاتلين الاجانب من سوريا والعراق الى بلدانهم ، ويذكر التقرير ان عدد المقاتلين الذين غادروا ألمانيا للقتال في سوريا والعراق وصل إلى أكثر من 750 شخصا، وأن تسعة منهم على الأقل نفذوا تفجيرات انتحارية.
وينقل التقرير عن الشرطة الألمانية قولها ان سلفيين ظهروا مراراً في شوارع مدينة” فوبرتال “غرب ألمانيا بصفة ”شرطة الشريعة”، ونظموا دوريات ليلية في أرجاء المدينة لمراقبة السلوكيات فيها ، فالسلفية ” الجهادية” ، كما يقول التقرير ، تعتبر المانيا واحدة من اكثر الدول مساحة للتناسل والتكاثر، وهي تستغل مساحة الحرية التي تمنحها المانيا لمثل هذه الجماعات بتنظيم التجمعات والمؤتمرات وتوزيع المنشورات بشكل علني.
مجلة “دير شبيغل” الألمانية في 2 ايلول / سبتمبر الماضي ذكرت أن هناك نحو 60 مقاتلا من “جبهة النصرة” (القاعدة) في سوريا يقيمون حاليا في ألمانيا ، وأضافت المجلة استنادا إلى معلومات سلطات أمنية أن أنصارا من جماعة “لواء أويس القرني” جاءوا إلى ألمانيا كلاجئين، وكان هذا اللواء يقاتل في بادئ الأمر إلى جانب الجيش السوري الحر، ثم انشق عنه بعد ذلك والتحق بصفوف جبهة النصرة القريبة من تنظيم القاعدة، وبحسب التقرير، شارك هؤلاء المقاتلون في “مذابح متعددة بحق أسرى مدنيين وجنود سوريين”.
واضافت المجلة ان السلطات المختصة في ألمانيا تجري حاليا تحقيقات ضد 25 مقاتلا في هذا اللواء، وترجح السلطات الألمانية وجود أكثر من 30 مقاتلا آخر من جبهة النصرة في ألمانيا، إلا أنه لم يتم تحديد هوية الكثير منهم بشكل قاطع، وبحسب بيانات “دير شبيغل”، أسست الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) مجموعة عمل لتعقب المشتبه بهم.
من الواضح ان التقارير الامنية والصحفية في المانيا مشغولة بالمعلول ، وهو وجود الجماعات السلفية في المانيا ، تاركة العلة على الغارب ، وهي الرحم الذي خرجت منه الجماعات التكفيرية ، فقلما تناولت هذه التقارير الاسباب الحقيقية وراء انتشار ظاهرة السلفية ، وهي المراكز التي تنشر الافكار السلفية والتكفيرية ، والكتب التي تشحن الى المانيا من الخارج او تطبع داخل المانيا ، والمتخمة بالافكر المريضة والعدوانية ، ودعاة التطرف والتكفير ، المعروفين في الغرب ب”الائمة” الذين يدخلون الى المانيا ويخرجون منها بسهولة ويسر ، بل هناك من يطلب اللجوء فيها ويمنح الجنسية الالمانية ، فيما هو يعتلي منابر الفتنة في المراكز السلفية ليغسل عقول الشباب الساذج والبسيط ، ليتحولوا بالتالي الى قنابل موقوتة.
ان عدد السلفيين قد يتجاوز عشرات الالاف خلال وقت قصير، وقد تتسع ظاهرة السلفية اكثر في المانيا ، اذا لم يتم التعامل مع الاسباب الحقيقية وراء انتشار العقيدة السلفية في المانيا ، وبشكل علمي وصارم، يهدف الى تجفيف منابع هذه العقيدة، التي تحولت الى ذريعة بيد الصهيونية العالمية واعداء الاسلام، لاتهام المسلمين بالارهاب، بينما المسلمون هم اكثر المتضررين من هذه العقيدة التكفيرية.
جمال كامل/ شفقنا
22/101