أزمة أول عرض أزياء بالسعودية.. من الفرح الي الاعتقال!

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 - 12:04 بتوقيت غرينتش
أزمة أول عرض أزياء بالسعودية.. من الفرح الي الاعتقال!

السعودية - الكوثر: علت وجه غسان السليمان الأسبوع الماضي ابتسامة عند حضوره حفل افتتاح أكاديميةٍ جديدة أُنشِئت لتدريب النساء السعوديات للعمل في مجال التجميل، ولكن بعد عدة أيام اختفت هذه الابتسامة.

وبصفته رئيس هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كان دعم مثل هذه المشاريع أساسياً لمهمته. وتزامن هذا المشروع مع خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتعزيز القطاع الخاص وخلق فرص عمل للنساء الشابات السعوديات.

وقال غسان السليمان في مقابلةٍ تلفزيونية محلية بعد الحفل: "كنت متفاجئاً وسعيداً برسالتهم القوية وجمال العرض"، حسبما نقل عنه تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

لكن بعد 4 أيام، أُقيل السليمان بعد تعرضه لهجومٍ شديد حول ما إن كان مقبولاً للعارضات السعوديات أن يؤدين عرض أزياءٍ مختلطاً برؤوسٍ مكشوفة.

ما الذي حدث؟

يؤكِّد ما حدث الصعوبات التي يواجهها ولي العهد السعودي الأمير محمد في سعيه لتحقيق توازنٍ ذكي بين زيادة الحريات الاجتماعية وتجنب غضب المحافظين الذين يشكلون شريحةً مهمة من المجتمع السعودي.

وفي الوقت الذي يدفع فيه الأمير محمد قدماً بخططٍ طموحة للغاية لتحديث المملكة وإصلاح الاقتصاد، وعد باستعادة الثقافة السعودية الـ"أكثر تسامحاً". ويعد نجاحه أمراً بالغ الأهمية في كسب دعم الشباب السعوديين الذين يشكلون غالبية السكان لرؤيته هذه؛ إضافةً إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.

لكنَّ هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها أولاً في دولةٍ كانت لها لعقود معاييرها الاجتماعية الخاصة، التي صاغتها بصورةٍ كبيرة المؤسسة الدينية الوهابية القوية التي تتبنى تفسيراً متشدداً للإسلام.

ليس الدين فقط

كانت ردّة الفعل على حفل افتتاح أكاديمية التجميل مثالاً على ذلك. اهتمت العارضات بتصفيف شعورهن ووضع مساحيق التجميل، لكن حافظن على ارتداء الملابس المحتشمة مثل العباءات.

ومع ذلك، ومع انتشار مقاطع فيديو من الحفل على الإنترنت، توجه كثيرٌ من السعوديين إلى الشبكات الاجتماعية للتنفيس عن غضبهم.

إذ قال طالبٌ على تويتر: "بغض النظر عن الدين، لن يقبل أي رجل لديه كرامة بمثل هذه الأشياء. يتعلق الأمر بالمبدأ. نحن مجتمع محافظ ولا نقبل بذلك".

اعتقال

وتسببت ردات الفعل العنيفة من العامة في تغييرٍ مفاجئ في موقف غسان السليمان، فبعد أن أشاد في بداية الأمر بالعرض، أدان يوم السبت 2 ديسمبر/كانون الأول 2017 ما حدث، وأكد في بيانٍ أن الهيئة لم تكن على درايةٍ به، ووعد بمحاسبة المسؤولين.

وبعد ذلك بيوم واحد أي الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول 2017، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمراً ملكياً يقضي بإعفاء غسان بن أحمد السليمان من منصبه كمستشار في وزارة التجارة والاستثمار، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية.

كما أعلنت شرطة الرياض اعتقال منظمي الحدث لانتهاكهم قوانين لم تحدد ماهيتها بالضبط.

ولم يكن السليمان من بين المعتقلين، وأعلن يوم الإثنين أنَّه مستمرٌ في دعم رؤية الأمير محمد.

ولم تذكر الوكالة سبب الإقالة، لكن سعوديين قالوا إنها جاءت بسبب التجاوزات التي ارتكبها في تنظيم عرض أزياء مختلط في العاصمة السعودية الرياض، أجري تحت رعاية الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي يتولى فيها السليمان منصب محافظ الهيئة، وأثار العرض غضباً في المملكة.

المنطقة الرمادية الخطرة

وقالت ريم أسعد، وهي كاتبة عمود مالي وعضوة في الجمعية الاقتصادية السعودية، إنَّ قرار إقالة السليمان كان "مربكاً"، وأضافت أنَّه يتعارض مع رغبة الحكومة المعلنة في زيادة سقف الحريات الاجتماعية تدريجياً.

وقالت ريم: "أياً كان من يضع السياسة، فهو في وضع غير مستقر، إذ يبدو لي أنَّه لا أحد قادر على وضع حدود واضحة من ناحية القانون الاجتماعي لتحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول".

يمكن أن تختلف المعايير الاجتماعية بين مناطق مختلفة في المملكة، إذ يعتبر الوسط والجنوب أكثر محافظةً من المناطق الساحلية. وانضم السليمان إلى الحكومة من القطاع الخاص في جدة، وهو ميناء يعتبر من أكثر مدن المملكة تحرراً.

وتابعت ريم: "في المجتمعات والاقتصادات الحديثة، هناك الكثير من المناطق الرمادية، لكن المجتمع يقبلها؛ إنَّما في بلادنا، هناك الكثير من المناطق الرمادية أيضاً، لكنَّ الناس يخشون صعوبة قبولها أو التسامح معها".