الثورة التي اجتثت نصف منظومة الفساد والاستبداد التي كانت قد حصنت نصفها الآخر بالمبادرة الخليجية التي أجهضت الثورة الشبابية ، ليبدأ هذا النصف المحصن في لعب الدور المناط في احتواء واجهاض ثورة 21 سبتمبر وحرف مسارها راقصا كعادته على أوتار المتناقضات فحينا يعترف بالثورة وحينا ينكرها وحينا يصف رجالها بالمليشيات وحينا بالأبطال ومتغنيا بالوقوف ضد العدوان ومتخاذلا في مواجهته بأي صورة ملموسة، محتميا بقاعدة الحزب العريضة الغالب على أبنائها الإباء والشرف والرجولة، ومستغلا لذلك في تحقيق مكاسبه الشخصية والعائلية.
لم تكتمل الثورة ولم يكتمل مسلسل الخيانة والعمالة بكل حلقاته بما فيها الحلقة الأسوأ والأفظع التي تحكي النزعة الانتقامية الحاقدة على كل أبناء هذا الوطن من خلال حرمان العاصمة وعواصم المحافظات والمدن الكبرى من الأمن والاستقرار وإقلاق السكينة العامة، وهذه الحلقة التي عجز عن تمثيلها عملاء ومرتزقة الخارج هاهم خونة ومرتزقة الداخل يقومون بذلك الدور، مستميتين في نشر الفوضى داخل العاصمة صنعاء من خلال المليشيات التي تم استغلال شعار مواجهة العدوان لتدريبها في معسكر الشهيد الملصي الذي تعمدوا بالتسمية للإساءة للشهيد الحر الذي رفض البقاء تحت عباءتهم الانبطاحية المخزية.
يشعر أبناء اليمن عموما وأبناء صنعاء العاصمة والمحافظة خاصة بالرضى من حالة الأمن والاستقرار التي وفرتها الأجهزة الأمنية وعلى مدى سنوات العدوان ويثمنون ذلك عاليا وهم أوعى بكثير من الانجرار لدعوات زعيم واعلام المليشيات التخريبية المشبوهة، لأن الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة لا تحتمل الفوضى والانفلات الأمني فيتضاعف عبء الحصول على تكلفة السلع الأساسية بعبء عدم توفرها واختفائها نتيجة خوف وقلق التجار، وبذلك فمصلحة المواطنين تقتضي الحفاظ بل التشبث بالأمن والاستقرار ورفض ونبذ الفوضى ودعاتها.
ما بدر وما استجد من مواقف المليشيات التخريبية وزعيمها لم يكن مفاجئا في موضوعه بل في توقيته، لأنه يأتي في سياق تسلسل دراماتيكي للأحداث والمواقف المتلاحقة لزعيم المليشيا وأدواته القذرة التي لم تراع مصلحة وطنية ولا قيما أخلاقية ولا شيما يمانية أصيلة، ولم تأخذ في الاعتبار معاناة وتضحيات وصمود وجهاد الشعب اليمني بكل شرائحه وعلى رأسها قواعد حزبه التي كانت مشاركة بصورة فردية بكل شموخ في مواجهة العدوان والتي لا بد وأن يكون لها موقف يرسخ ويؤكد مواقفها المشرفة المعهودة من هذه الخيانة المخزية والغير مبررة سوى بحسابات شخصية وأجندات العار المشهود منذ عقود.
لا قلق على اليمن واليمنيين ولا داعي للتوجس مطلقا فالله غالب على أمره والعاقبة للمتقين ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ..
بقلم/ حمير العزكي
31102