وكانت الرئاسة قد كذبت أمس الأحد عبر بيان أذاعه التلفزيون الحكومي أن يكون فاروق قسنطيني الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان قد التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أساسه، مؤكدة أن عددا من التقارير الإعلامية تحدثت منذ أمس الأول عن لقاء مزعوم بين رئيس الجمهورية والرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان، مشددة على أنها تكذّب بصرامة اللقاء من أساسه ومضمونه، الذي اعتبرته مجرد أكاذيب.
وكان قسنطيني الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية، قد أكد في مقابلة مع موقع «كل شيء عن الجزائر» أنه التقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل أسبوع، وأن هذا الأخير أبلغه أنه يريد البقاء في السلطة ولاية خامسة، وأنه يريد الاستمرار في خدمة الجزائر خمس سنوات أخر بعد 2019، مشددا على أن حالته الصحية كانت جيدة، وأنه متابع لما يجري في الساحة الوطنية والدُّولية بدقة.
واعتبر قسنطيني أن من حق الرئيس الترشح لولاية خامسة، وأن الدستور يسمح له بذلك، مؤكدا (أي الرئيس) أن الصندوق الانتخابي هو الفيصل وهو الحكم.
وأوضح الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان أنه يعرف الرئيس جيدا، وأنه يريد أن يبقى في خدمة بلده حتى يتوفاه الله، وأنه بطبعه خدوم.
التصريح الذي اعتبره بعضهم عملية جس نبض، يأتي في إطار سلسلة من الإشارات والمؤشرات، فبرغم أن موعد الانتخابات الرئاسية لم يحن بعد، إلا أن السلطة تريد تمرير فكرة الولاية الخامسة من الآن، ولا تفضل الانتظار حتى يقترب موعد الانتخابات، حتى تتمكن من تمرير الفكرة شيئا فشيئا، خلافا لما كان عليه الأمر في 2014، عندما انتظرت السلطة إلى آخر لحظة من أجل إعلان ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة.
وإذا عدنا إلى الإشارات والمؤشرات، سنجد أن جمال ولد عباس الأمين العام لحزب السلطة الأول، جبهة التحرير الوطني، نادى بولاية خامسة منذ أكثر من سنة، مباشرة بعد تعيينه على رأس الحزب، وقبل أيام صرح ولد عباس أن الرئيس المقبل لا يمكن أن يكون إلا من حزب جبهة التحرير الوطني، علما أن بوتفليقة هو رئيس الحزب، قبل أن يضيف أن الرئيس بوتفليقة لن يكون مرشح الجيش في 2019، وهو ما يعني ضمنيا أن الرئيس سيترشح لولاية خامسة، وحتى المنظمة الوطنية للزوايا الطرقية أكدت أنها تدعو الرئيس بوتفليقة ليواصل المشوار خمس سنوات أخر.
وقبل صدور التكذيب كانت الطبقة السياسية قد انقسمت بخصوص هذا الإعلان، إذ اعتبر جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد (معارض) أن الإعلان غير مفاجئ إذا وضعنا في الحسبان منطق حكم بوتفليقة، مشددا على أنه أصبح واضحا للجميع أن الرئيس ومن حوله ليس لديهم أية نية لمغادرة الحكم، ولا يريدون ترك الجزائر تدخل مرحلة دولة القانون، والمهين، حسبه، هو قول الرئيس على لسان قسنطيني، إن لديه رغبة للتضحية بأن يترشح لولاية خامسة.
وذكر أنه بعيدا عن الاعتبارات الشخصية ورغبة الرئيس في الخلود في الحكم، أضحى واضحا أن النظام أغلق على نفسه ضمن خيار واحد، وذلك بسبب سياسة تصحير الساحة السياسية التي حرص عليها بوتفليقة، إلى درجة عدم وجود أي شخص يحقق الإجماع، فكلما ظهر شخص بإمكانه أن يحقق إجماعا تمت المسارعة إلى التخلص منه.
وأشار إلى أنه كان يتمنى أن تكون هناك روح مسؤولية لدى السلطة، وأن يقوم بوتفليقة نفسه بتنظيم مرحلة انتقالية، تمكن من انتقال سلس للسلطة، لكن هذا لم يحدث، واختار النظام الاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام من خلال التشبث بالسلطة حماية للمصالح والمكاسب، والظاهر، يقول المتحدث ذاته، أن البلاد تسير نحو أزمة كبيرة.
من جهته ذكر شهاب صديق الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي (حزب رئيس الوزراء) أن الخوض في موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة سابق لأوانه، خاصة أن الجزائر على موعد مع انتخابات محلية، وهي انتخابات ركز عليها الحزب بشكل كبير من أجل إعطاء طموحات جديدة للمجالس المحلية حتى تكون في خدمة المواطن، وتحقق التنمية المحلية، وحتى تلعب أدوارا مهمة، أما بالنسبة لموضوع ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فقال شهاب صديق:» سبق للأمين العام أحمد أويحيى أن أكد مرارا وتكرار، أنه لم ولن يترشح ضد الرئيس بوتفليقة، وهو ما يفهم منه أنه في حال ترشح الرئيس لولاية خامسة سيجد الدعم والمساندة من طرف الحزب».
واختلفت القراءات بخصوص تكذيب الرئاسة لفاروق قسنطيني، فبعض المراقبين اعتبروا أن الرئيس السابق للجنة حقوق الانسان حاول أن يزايد على غيره بالترويج للولاية الخامسة، بعد أن اقتنع أن الأمر محسوم، وبعضهم الآخر اعتبر أن قسنطيني «غُرر» به، وأنه طلب منه أن يقول فقال، ثم سحبوا من تحته البساط.
المصدر: القدس العربي
22