وكان غازي الشوّاشي الأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» ومحمد الحامدي الأمين العام لحزب «التحالف الديمقراطي» أعلنا اندماج حزبيهما المنتميين للعائلة الديمقراطية الاجتماعية في تنظيم سياسي واحد يحمل اسم «التيار الديمقراطي»، فيما أعلنت حركة «مشروع تونس» (ليبرالية) انصهار حزب «الوطن الموحد» (يضم قيادات من عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي) داخله.
ويقول سمير بن عمر رئيس الهيئة السياسية لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» في تصريح خاص لـ «القدس العربي»: «محاولة التقارب بين بعض الأحزاب الوسطية (التيار الديمقراطي والتحالف الديمقراطي) يندرج في إطار محاولة شق طريق ثالث في الساحة السياسية يقوم باستقطاب أصوات الغاضبين من الحزبين الكبيرين نداء تونس والنهضة، خاصة ما يسمى الوسطية الديمقراطية، وهو توجه يندرج في إطار تقوية الصفوف والإعداد لانتخابات 2019 وهو حق مشروع لكل الأحزاب».
وسبق هذه التجربة محاولة «غير موفقة» لاندماج حزب «الاتحاد الوطني الحر» في حزب «نداء تونس» الحاكم عام 2016، حيث اكد رئيس حزب «الاتحاد الوطني الحر» سليم الرياحي حينذاك أن حزبه سيساند «نداء تونس» ويمنع فقدانه للأغلبية النيابية لمصلحة حركة النهضة، وذلك عبر ثلاثة سيناريوهات «الاندماج في حزب موحد او تكوين جبهة انتخابية موحدة او تعزيز كتلة النداء»، إلا أن أعضاء الكتلة البرلمانية لـ»الاتحاد الوطني الحر» رفضوا هذا الأمر.
ويقول رياض الشعيبي رئيس حزب «البناء الوطني»: «انصهار الأحزاب واندماجها مؤشر إيجابي وهو دليل على أن الحياة السياسية تتطور في البلاد وأننا نتقدم في مستوى هيكلة الحياة السياسية والفعل السياسي في الواقع، ولكن أن تتحول المسألة إلى مقايضة تتضمن تسوية بعض الملفات لقاء القبول بالاندماج والتسليم السياسي كما هي الحال في حزبي نداء تونس والاتحاد الوطني الحر، فأعتقد أن هذا الأمر يخرّب العمل السياسي ويسيء للحياة السياسية في البلاد، وبالتالي لا موازنة بين انصهار التحالف الديمقراطي والتيار الديمقراطي ومحاولة الاندماج بين الاتحاد الوطني الحر ونداء تونس، أما فيما يتعلق بحزبي مشروع تونس والوطن الموحد فخطابهما السياسي متقارب ويبدو من المنطقي تقاربها في هذه المرحلة».
ويرحب بعض المراقبين بظاهرة اندماج عدد من الأحزاب السياسية على اعتبار أنها خطوة جيدة لتنظيم المشهد السياسي المشتت والمتخم في بلد يضم نحو 210 أحزاب، لا يملك أغلبها أية فاعلية حقيقية على أرض الواقع.
ويقول الباحث المؤرخ د. عبد اللطيف الحنّاشي (رئيس المنتدى المغاربي للتنمية والديمقراطية) لـ»القدس العربي»: «هذه الخطوة جيدة في الديمقراطيات الناشئة كتونس، وهي موجودة في الديمقراطيات العريقة حيث يميل بعض الأحزاب التي تلتقي (سياسيا وفكريا) مع أحزاب أخرى للاندماج معها والعمل في إطار حزب واحد، وفي تونس بعد الثورة برز ما يعرف بـ»الإسهال الحزبي» حيث لدينا الآن نحو 210 أحزاب، وأغلب هذه الأحزاب متناثرة ومشتتة وضعيفة وانتشارها محدود، وبالتالي أعتقد أن فكرة الاندماج الجديد خطوة في الطريق الصحيح، باعتبار وجود عدد كبير من الأحزاب التونسية المتقاربة في رؤيتها السياسية وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية».
ويضيف «الأحزاب في تونس تمثل أربعة أقطاب أو اتجاهات فكرية تتمثل في القطب اليساري الذي يحوي الماركسيين بجميع أطيافهم والقوميين، والقطب الإسلامي الذي يضم التيار الإسلامي العريض وتمثل حركة النهضة عموده الفقاري، والقطب الليبرالي، والقطب الديمقراطي الاجتماعي، وأعتقد أن اندماج عدد من الأحزاب التي تمثل هذه الأقطاب، سيسهم في خلق نوع من التوازن في الساحة السياسية، وبالتالي ما يحدث الآن جيد جدا ويعكس رغبة وإدراك جزء من النخبة التونسية بضرورة الاتحاد في صلب هياكل قريبة من بعضها، وسيسهم في تطوير الحياة الحزبية والسياسية ويعطي رسالة مهمة للتونسيين بأن النخبة السياسية الحالية تسعى من أجل الوطن لا لأمور ذاتية أو نرجسية».
القدس العربي
21