التقرير الذي يكشف “مراجعات” الإدارة الأمريكية في موقفها الخاص بالصحراء، ينطلق من خلاصة أمريكية تم التوصل إليها حينها، مفادها أن أيا من الطرفين لا يستطيع حسم المعركة بشكل نهائي لصالحه، رغم التقدم الذي حققه المغرب في الحرب.
والخيارات التي تم طرحها عبارة عن تقرير من عشرين صفحة، مؤرخ في مارس 1981، تدرس قابلية دولة مستقلة في الصحراء للحياة، والتوجهات السياسية التي سوف تتخذها في حال إحداثها
وينطلق معدو الوثيقة من أن المواجهة قد تنتهي بإحداث دولة جديدة، فوق كامل تراب الصحراء أو جزء منه، أو بانضمام جبهة البوليساريو إلى موريتانيا في دولة فيدرالية.
التقرير قال إن أي كيان مستقل تتم إقامته في الصحراء، سيكون في حاجة إلى المساعدات الخارجية لشراء حاجياته من الغذاء والمحروقات. “ودولة بكامل تراب الصحراء، أي بما فيه منطقة بوكراع، يحتمل أن تحقق اكتفاءها الذاتي، لكنها ستحتاج إلى دعم خارجي كبير، اقتصادي وتجاري وتقني وتدبيري، حتى تتمكن من إصلاح ما دمرته الحرب في الصناعة الفوسفاطية. أما دولة لا تتضمن منطقة بوكراع، فمن المستبعد أن تكون قابلة للحياة اقتصاديا. وحجم الدعم الخارجي الذي يمكن أن تحصل عليه سيتقلص تدريجيا، بفعل استغلال الخامات المعدنية وتطوير الصناعة المرتبطة بالأسماك”.
أما في حالة انضمام البوليساريو إلى موريتانيا في إطار فيدرالية، فالتقرير يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تأسيس نظام “قومي تقدمي” بالنظر إلى تقاسم هذه المرجعية بين قيادتي الطرفين، أي البوليساريو والرئيس الموريتاني حينها، ولد هيدالة. بل إن هذا الأخير سيستفيد، حسب الوثيقة الأمريكية، بضم ممثلين من البوليساريو إلى حكومته، حيث ستصبح كفته راجحة ضد خصومه السياسيين الموريتانيين. التقرير حرص على التأكيد أنه وبدون ضم منطقة بوكراع الفوسفاطية، فإن دولة موريتانية فيدرالية مع البوليساريو، ستكون أضعف من موريتانيا القائمة حينها، “وستكون مرتهنة بشكل كبير إلى المساعدات الخارجية”.
الدفعة الجديدة من الوثائق الأمريكية المنشورة، تكشف كيف كان ملف الصحراء يمضي مباشرة في اتجاه حلّ ثلاثي، مغربي إسباني موريتاني، يفضي في النهاية إلى تقاسم السيادة على الصحراء بين المغرب وموريتانيا، وتوثيق ذلك في اتفاق مباشر يحسم الوضع بشكل نهائي. لكن الدور الجزائري، وهو المدعوم نسبيا من الاتحاد السوفياتي، كان حاسما في دفع القوى الدولية إلى كبح جماع هذا المسار، والاستجابة للمطلب الجزائري المتمثل في ترك الملف مفتوحا تحت مظلة الأمم المتحدة، بدعوى ضرورة سلك مسطرة تقرير المصير.
المصدر: الرأي العام
27/ 101