من كلمات الإمام الخامنئي في أربعينية الإمام الحسين (ع) (القسم الأخير)

الأحد 5 نوفمبر 2017 - 08:20 بتوقيت غرينتش
من كلمات الإمام الخامنئي في أربعينية الإمام الحسين (ع) (القسم الأخير)

نهج القائد - الكوثر

6- الأبعاد العظيمة في حركة الإمام الحسين كما ورد في زيارة الأربعين

وردت في زيارة الأربعين التي تأتي فقراتها الأولى على صورة دعاء يناجي به المتكلم المولى سبحانه وتعالى فيقول: «وبذل مهجته فيك» أي الحسين بن علي (ع) "ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة."

فهذا هو أحد جوانب القضية وهو المتعلق بصاحب النهضة أي الحسين بن علي (ع)، وأما الجانب الآخر فيرد في الفقرة التالية التي تقول: "وقد توازر عليه من غرّته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى" في وصفٍ للواقفين على الجبهة المضادّة، وهم الذين غرّتهم الدنيا بالمطامع الدنيوية والزخارف والشهوات والأهواء النفسية فباعوا حظّهم من السعادة الدنيوية والأخروية بالأرذل الأدنى؛ وهذه هي خلاصة النهضة الحسينية.

وبالتدقيق في هذا الكلام، يدرك المرء أن بإمكانه النظر إلى النهضة الحسينية بمنظارين في الواقع، وكلاهما صحيح، سوى أنّ مجموعهما يكشف عن الأبعاد العظيمة لهذه النهضة؛ فالنظرة الأولى تكشف عن الحركة الظاهرية للحسين بن علي، والتي قام بها في مواجهة حكومة فاسدة ومنحرفة وظالمة وقمعية وهي حكومة يزيد، وأما باطن القضية وعمقها فتكشف عنه النظرة الثانية، وهي الحركة الأعظم والأعمق؛ لأنها ضد جهل الإنسان وضلالته.

فمع أن الإمام الحسين قام بمقارعة يزيد في الواقع، إلا أن هذه المقارعة الواسعة التاريخية لم تكن ضد يزيد الفرد الفاني الذي لا يساوي شيئاً، بل كانت ضدّ جهل الإنسان وانحطاطه وضلالته وذلّه، وهو ما يكافحه الإمام الحسين في الحقيقة.

7 – ما نتعلمه من الأربعين

إن الدرس الذي يعلّمنا إياه يوم الأربعين هو وجوب إحياء ذكر وحقيقة الشهادة في مواجهة السيل الإعلامي للأعداء.

وإن أهميّة الأربعين تكمن بالأساس في أن ذكر النهضة قد خُلّد إلى الأبد وتجذّر في هذا اليوم بتدبير إلهي وحكمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

فلو أن زينب الكبرى عليها السلام والإمام السّجّاد عليه السلام لم يُبادرا على امتداد أيام السبي سواء في عصر عاشوراء في كربلاء أو الأيام التي أمضياها في الطريق إلى الكوفة والشام أو في الشام نفسها وما تلا ذلك في مرورهما بكربلاء ومن ثمّ التوجه إلى المدينة وبالتالي السنوات المتمادية التي بقيا فيها على قيد الحياة إلى الجهاد وبيان الحقائق والكشف عنها ولم يقوما ببيان حقيقة فلسفة عاشوراء وهدف الحسين بن علي‏ عليه السلام في ثورته وجور الأعداء، لم تبق واقعة عاشوراء حيّة متفاعلة متوهجة حتى يومنا هذا.

كان جهاد زينب عليها السلام وجهاد السجاد عليه السلام وسائر الطاهرين صعباً ومريراً، وبالطبع لم يكن ميدانهم عسكرياً بل إعلامياً وثقافياً، وعلينا الانتباه إلى هذا الأمر.