آلاف التونسيين يتخلون طواعية عن وظائفهم رغم ارتفاع البطالة

الإثنين 30 أكتوبر 2017 - 09:31 بتوقيت غرينتش
آلاف التونسيين يتخلون طواعية عن وظائفهم رغم ارتفاع البطالة

تونس-الكوثر استطاعت الدولة في تونس أن تقنع 6500 موظف يعملون في الوظائف العمومية بالتقاعد المبكر، وهو ما يمثل مفارقة مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي في بلد يتسم بالارتفاع النسبي لمعدل البطالة، وتعد الوظائف الحكومية فيه من أكثر الوظائف استقراراً، بل إن البعض ينظم مسيرات تظاهرية للمطالبة بالعمل في القطاع العام.

كانت وكالة «رويترز» قد نقلت الأسبوع الماضي عن مسؤول تونسي قوله إن 6500 موظف يستعدون للخروج من الجهاز الحكومي هذا العام تحت نظام التقاعد المبكر، وإن الحكومة تخطط لتسريح نحو 10 آلاف آخرين بشكل طوعي خلال العام المقبل.

وعادة ما يخرج الموظفون العموميون في تونس عند سن التقاعد الرسمية، 60 عاماً، لكن الحكومة تطرح إمكانية خروج من تتجاوز مدة اقترابهم من هذه السن 3 سنوات، بشرط أن يكونوا قد زاولوا عملهم في الإدارة العمومية لمدة لا تقل عن 5 سنوات.

وتقدم الدولة للمتقاعدين مبكراً منحة مالية تقدّر بما قيمته 36 مرة من الراتب الشهري وقت العمل، بجانب معاش التقاعد عند بلوغ السن القانونية، لكن الموظف قد يعجز عن إيجاد فرصة عمل بديلة في البلاد التي تتجاوز فيها معدلات البطالة مستوى الـ15 في المائة من قوة العمل.

«الخروج الطوعي كان تحت وقع الإغراء المادي بعد سنوات طويلة من العمل الإداري» كما قال سعد بومخلة، أستاذ العلوم الاقتصادية، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف بومخلة: «المتقاعدون ليسوا من الفئات الشابة الطامحة لنيل مناصب إدارية، وقد يكون الكثير منهم يعاني من أمراض تستدعي إجازات طويلة الأمد، وهذا البرنامج الحكومي يناسبهم تماماً».

وتعتمد تونس على خطط التقاعد المبكر بجانب الحد من التعيينات الجديدة في الجهاز الإداري للدولة لكبح نمو مصروفات الأجور التي تمثل 66.6 في المائة من المصروفات (نفقات التصرف) في ميزانية البلاد لعام 2018.

«بعد ثورة 2011 وقع انقسام معظم الإدارات، شق قديم حاصل على معظم الامتيازات المادية التي تمنحها الإدارة، وشق جديد يطمح إلى انتزاع أكثر ما يمكن من المكاسب المادية تحت غطاء الثورة. وهذا الانقسام خلّف توتراً مستمراً داخل مؤسسات القطاع العام مما عطل إنتاجيتها وجعل الكثير من أصحاب الوظائف العليا يبحثون عن طريقة مقبولة لمغادرة القطاع العام»، وفقا لما قاله كمال بن إبراهيم، موظف في القطاع العام، لـ«الشرق الأوسط».

ويوصي صندوق النقد الدولي، الذي وقّعت تونس اتفاق قرض معه في 2016، بتخفيض نفقات الأجور من أكثر من 14 في المائة من الناتج المحلي حالياً إلى 12 في المائة فحسب، والنزول بأعداد موظفي القطاع العام من نحو 650 ألف موظف حالياً إلى 500 ألف.

ويرى سالم العياري، المنسق العام لاتحاد المعطلين عن العمل، خطة التقاعد المبكر بنظرة إيجابية، إذ إنها قد تؤدي لاحقاً «إلى إفساح المجال أمام الطاقات الشابة لدخول الدورة الاقتصادية» كما قال لـ«الشرق الأوسط».

لكنه في الوقت نفسه ينتقد سياسات الحكومة للحد من التعيينات الجديدة، «عدد العاطلين في تونس لا يقل عن 626 ألفاً من بينهم نحو 300 ألف من أصحاب الشهادات العليا، وهم اليوم يبحثون عن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ولا يمكن اعتبار (المسكنات) التي يقدمها القطاع الخاص حلاً لأزمة الشباب العاطل عن العمل، خصوصاً من أصحاب الشهادات الجامعية... فكيف سيتصرفون عندما تغلق الحكومة أبواب الانتداب خلال سنتي 2017 و2018؟».

وتصل نسبة البطالة بين الذكور من أصحاب المؤهلات العليا، حتى الربع الأول من 2017، إلى 19.2 في المائة، بينما تصل بين الإناث إلى 41 في المائة.

المصدر: الشرق الاوسط

22/105