كانت الفترة الاموية في تاريخ الاسلام السياسي نقطة انعطاف كبيرة، نظرا لتبدل النظام السياسي وظهور قيم واعتبارات جديدة طارئة اضافة الى ظهور ونشوء الفرق السياسية والكلامية التي بدأت في بحث النظام السياسي للاسلام، وضمن سلسلة “قراءة في كتاب” والتي تنشرها وكالة “شفقنا”، يحاول الكاتب عادل عبد الرحمن البدري في دراسة تناولت عصر الصادقين عليهما السلام والفرق الناشئة تحت عنوان “الامويون والخلافة والتكون الفرقي للمسلمين”، القاء الضوء على هذه الظاهرة التي غيرت وجه الخلافة الاسلامية التي قامت عليها الدولة النبوية.
الكتاب الصادر عن مؤسسة الطبع والنشر التابعة للاستانة الرضوية المقدسة والمتوفر في مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة في بيروت، يقع في 516 صفحة ويضم عناوين عدة حيث بدأ الكاتب بالحديث عن الاموين وتكون الدولة الاموية ونشأتها ومن ثم نشوء التشيع وفرقه، ليتنقل بعدها للحديث عن اصول ونشأة ظاهرة الغلو وينتقل بعدها الى مطالع النور والعلم في المدينة متحدثا عن الإمام الباقر “ع” ودوره في حفظ المذهب وتأسيس الجامعة العلمية ومن ثم ابنه الإمام الصادق عليه السلام.
وينتقل بعد ذلك للحديث عن خلفاء العصر الاموي بدءا من معاوية وصولا الى ابراهيم بن الوليد، ومن ثم دور المسلمين من غير العرب في سقوط الدولة الاموية وثورة الحسين “ع” واثرها على الدولة الاموية، ليبحث بعدها عن حركة الفتوح وتوسع رقعة الدولة الاسلامية ونظامها الاداري في العهد الاموي ومن ثم ينتقل في حديثه الى النظام الجديد للدولة الاموية ويختم بحثه عن الامام الباقر “ع” والمعجزة او الكرامة.
ويرى البدري في مقدمة كتابه انه تعتبر الفترة الانتقالية للدولة الاسلامية في العقد الخامس الهجري بداية التحول والنكوص، لانها تردت من مرحلة الخلافة الاسلامية الى مرحلة الزعامة الدنيوية التي اعقبت استشهاد الخليفة العادل الكامل علي بن ابي طالب عليه السلام، مشيرا الى انه في هذه الفترة والمرحلة انحطت الدولة الدينية التي اقامها المصطفى “ص” الى دولة دنيوية، ابتعدت عن اهدافها العظيمة السامية، لذا صارت هذه المرحلة من اخطر المراحل واكثرها اضطرابا وتشققا في الرؤى والاتجاهات السياسية والعقائدية للامة الاسلامية، ولما صار امر المسلمين والخلافة الى ما لا يحتاج الى بيان، وقد حرف بنو أميّة الاحكام والمعارف الالهية لتحقيق اغراضهم السياسية اذ كانوا يعلمون التوحيد ولا يعلمون الشرك، فكان هذا الكتاب ليعالج هذا الموضوع ويتناوله بحثا ودراسة.
ويتابع في مقدمته، كان الإمام محمد بن علي الباقر “ع” من الذين عاشوا في اتون ومحن ومظالم العصر الأموي، لكن بصماته واياديه عليه السلام كانت ظاهرة وطافحة على سطح هذا العصر، ولعل هذا الكتاب الذي تناول اوضاع الامويين والعلويين وشيعتهم والفرق الاسلامية الاخرى، وجانبا من سيرة هذا الامام العظيم، واشارات لخليفته الصادق المصدّق عليه السلام، نضع بين يدي القارئ لوحة قد تكشف عن بعض خفايا هذا العصر او قد تنقل لبعض القراء والباحثين صورا ربما لم يكن رأى بعضها بوضوح من قبل.
المصدر: شفقنا