أصدر المدعي العام الإيطالي بعد ۳۷ عامًا على لغز اختفاء مؤسس المقاومة اللبنانية، السيد موسى الصدر، حكمًا يتهمّ فيه النظام الليبي السابق بالوقوف وراء الجريمة، نافيًا أي صلة لبلاده بها، موجها الإتهامات صوب رئيس النظام الليبي المقبور معمر القذافي.
أصدر المدعي العام الإيطالي بعد ۳۷ عامًا على لغز اختفاء مؤسس المقاومة اللبنانية، السيد موسى الصدر، حكمًا يتهمّ فيه النظام الليبي السابق بالوقوف وراء الجريمة، نافيًا أي صلة لبلاده بها، موجها الإتهامات صوب رئيس النظام الليبي المقبور معمر القذافي.
وجاء هذا الحكم بعد أن عكف القضاء الإيطالي منذ عام 1978 على فكّ لغز اختفاء السيد الصدر، الذي ظلّ النظام الليبي يقول إنه "اختفى في روما في ذلك العام، بعد وصوله إليها قادمًا من طرابلس الليبية، غير أن حكم المدعي العام الإيطالي قبل أشهر برّأ بلاده من الأمر.
وحسب المذكرة النهائية للمدعي العام الإيطالي، تيتسيانا قوقولوتو، فإن التحقيقات توصلت إلى أن "السيد الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين لم يصلوا ليل 31 آب/أغسطس 1978 إلى مطار روما، وأن جريمة الخطف وقعت في ليبيا إبان حكم القذافي".
وجاء حكم قاضي التحقيقات الإيطالي بعد ثلاثة تحقيقات قضائية موسعة في إيطاليا بدأت عام 1978، وبتّ فيها المدعي العام سلفاتوري فيكيوني عام 1982 بحفظ القضية نظراً لعدم التوصل إلى دلائل بأن جريمة الخطف ارتكبت في إيطاليا، مما يعني أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية وبالتالي لم يغادروا ليبيا.
لكن مسار التحقيقات أخذت منحىً آخر عام 2005 عندما فتحت القضية مجدداً، وقضت التحريات آنذاك بأن المسافرين الثلاثة كانوا موجودين على متن الطائرة الإيطالية رقم "أي.زد 881"، لكن ليس واضحًا إن كانوا لدى وصولهم إلى روما، قد نزلوا بفندق "هوليداي إن" أم أن آثار وجودهم هناك كانت ملفقة، الأمر الذي غيّر مسار القضية لفترة طويلة، وأبعد ليبيا عن مسرح الجريمة لتبقى التهمة عالقة بروما.
وأكّد محامي عائلة الصدر في إيطاليا، روبرتو ليبيراتوري، أن "التحقيقات القضائية الإيطالية مرت بمراحل متباينة ربما دخلت فيها أحيانا الاعتبارات السياسية، حيث يُعتقد بأن الحكومة الإيطالية آنذاك بزعامة سيلفيو برلسكوني تعاونت مع نظام القذافي بممارسة الأخير ضغوطاً اقتصادية على البلاد".
وألمح ليبيراتوي في حديثه إلى أن "القذافي حاول ابتزاز الحكومة الإيطالية بمطالبتها بدفع تعويضات عن الضرر الذي ألحقه الاستعمار الإيطالي ببلاده"، الأمر الذي ساهم في وضع عراقيل أمام الحقائق حول اختفاء الإمام الصدر، على حد قوله.
ويعتبر هذا الحكم نقطة تحوّل في القضية لتصبح الكرة الآن في ملعب الأطراف الأخرى المعنية بالملف وعلى رأسها لبنان. وحسب المحامي ليبيراتوري، فمن المتوقع أن ترفع أسرة الصدر والحكومة اللبنانية، قضية لدى النيابة العامة اللبنانية، وأخرى لدى محكمة النقض اللبنانية حول ما تعتبره جريمة تهديد لأمن الدولة.
من جانبه أكّد المؤرخ الإيطالي رافائيلي ماورييلّو، أن إيطاليا في تلك الأعوام كانت أرضًا خصبة لعمليات التجسس الدولية، لاسيما فيما يتعلق بالشرق الأدنى، ومن غير المستبعد أن تكون عناصر من المخابرات الإيطالية تواطأت مع نظام القذافي وكانت على علم بالجريمة.