أكد الكاتب والباحث السياسي محمد صالح الفتيح أن النجاح الوحيد لمؤتمري فيينا، حتى الآن، هو في جلوس الخصوم مع بعضهم البعض وتجاوز مرحلة الأوهام السابقة.
أكد الكاتب والباحث السياسي محمد صالح الفتيح أن النجاح الوحيد لمؤتمري فيينا، حتى الآن، هو في جلوس الخصوم مع بعضهم البعض وتجاوز مرحلة الأوهام السابقة، سواء أوهام الحل العسكري أو أوهام الحل السياسي بين السوريين أنفسهم فقط.
الفتيح وفي حديث خاص لوكالة أنباء فارس، اعتبر إنه من المؤسف أن يكون من ضمن هذه الأوهام هو انتظار حصول التوافقات الدولية لحل الأزمة السورية، مشير إلى أن حل الأزمة السورية لا ينتظر توافقاً دولياً للتحرك والتدخل وإنقاذ سوريا، بل ينتظر عقد صفقة تقنع خصوم سوريا بوقف تدخلهم في شأنها الداخلي وإيقاف تمويل الحرب السورية، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه بات واضحاً في العام الخامس للأزمة السورية أنه لا يتوفر لدى أي طرف دولي أو إقليمي القدرة، أو الرغبة، للضغط على ممولي الحرب في سورية، ولهذا يبدو أن الحوار معهم، مع تركيا والسعودية تحديداً، هو الخيار العقلاني الوحيد لإيقاف النزيف السوري.
وأضاف الفتيح بالقول: "بتقديري فإن بيان فيينا جاء شكلياً وإنشائياً أكثر من كونه تعبيراً عن خارطة طريق جدية. فمن غير المقبول أن يُعقد مؤتمران في فيينا، خلال أقل من أسبوع، وأن تتم الدعوة لمؤتمر ثالث بعد أسبوعين، بدون أن يُعلن للجمهور أن هناك تقدماً من نوع ما يبرر استمرار عقد اللقاءات في فيينا. ولهذا السبب فإن البيان قد اشتمل على الحد الأدنى من النقاط التي تتفق عليها الأطراف المختلفة المجتمعة في فيينا، وحتى فيما يخص الشق الخاص بالانتخابات والحل السياسي، البند السابع تحديداً من بيان فيينا، فقد جاء تكراراً لمضمون بيان مؤتمر جنيف الأول ولقرار مجلس الأمن رقم 2118 وبالتالي من الصعب القول أن هناك تغييراً حقيقياً في مواقف القوى الدولية، فبيان فيينا شكلي وإنشائي".
وأوضح الباحث السوري إن البند السادس من البيان ضرورة القضاء على المنظمات الإرهابية مثل داعش وغيرها من المنظمات التي حددتها الأمم المتحدة، والتي يتفق عليها الحضور في فيينا، ولكن الجميع يعلم أن بعض الدول التي حضرت في فيينا، تحديداً السعودية وتركيا، تدعم بعض هذه المنظمات بالفعل، وقد قامت خلال الفترة الأخيرة بزيادة هذا الدعم بشكل ملحوظ وقد ظهر هذا تحديداً في معارك ريفي حماة وحلب. ولهذا فإن بيان فيينا، باختصار، هو شكلي والهدف منه إظهار حصول تقدم ما لتبرير اللقاء مرةً أخرى في فيينا بعد أسبوعين.
ولفت الفتيح إلى أن السعودية، ومن خلفها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، تنظر إلى وجود قوات غير سورية تقاتل إلى جانب الحكومة السورية على أنه ذريعة مناسبة لاستمرار تقديم الدعم للمسلحين في سورية، وفي الحقيقة إن مراجعة مسار الأزمة السورية خلال السنوات الماضية يظهر أنه في كل مرة يظهر فيها وصول تعزيزات من إيران، أو مدعومةً من إيران، للقتال إلى جانب الجيش السوري، كان هناك رد من ممولي الحرب بإرسال تعزيزات بشرية وعسكرية مضادة، ولهذا السبب تبدو الحرب السورية وكأنها تدور في حلقة مفرغة عنوانها استمرار النزيف بدون أي أفق للحل أو الحسم العسكري.
وشدد الفتيح على إن التصريحات السعودية الأخيرة هي إعلان حقيقي بإن دعم المسلحين سيستمر، بالرغم من أن البند السادس في بيان مؤتمر فيينا ينص على القضاء على المجموعات الإرهابية في سورية، خاصة وإن السعوديون أنفسهم أعلنوا في شهر تشرين الأول الماضي عن وصول مئات من صواريخ تاو المضادة للدروع إلى الفصائل في سورية، وقد كانت تلك الصواريخ، المتدفقة عبر تركيا، السبب الرئيسي في سقوط مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا في الربيع الماضي.
وختم الباحث السوري حديثه بالتأكيد على إن حل الأزمة السورية لا يزال بعيداً، والانتخابات هي تفصيل ثانوي في الحقيقة وخصوصاً أنها لاتقدم شيئاً للسعودية التي وإن كانت أكبر ممولي الحرب اليوم لا تملك الأدوات المناسبة لخوض المعركة السياسية في سورية وبالتالي فإن الانتخابات، من هذا المنظور، تفيد سورية ولا تفيد السعودية، وبالتالي لا اعتقد أن النقاش في فيينا حول إقامة الانتخابات هو نقاش جدي بل هو أقرب إلى أن يكون ورقة ضغط وابتزاز منه نقاشاً جدياً للوصول إلى صيغة حل حقيقي. ومن هذا المنظور قد تقبل دمشق بإجراء مثل هذه الانتخابات ضمن استراتيجية نزع أوراق الخصم.