يبدو أن ملف الأزمة السورية وُضع على نار حامية. فبعد أسبوع على اجتماع ضم روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا، في فيينا، والأفكار الجديدة لحل الأزمة، يُعقد اليوم اجتماع مماثل...
يبدو أن ملف الأزمة السورية وُضع على نار حامية. فبعد أسبوع على اجتماع ضم روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا، في فيينا، والأفكار الجديدة لحل الأزمة، يُعقد اليوم اجتماع مماثل، يليه غداً اجتماعا موسعا يضم مسؤولين من 12 دولة.
لكن الأنظار ستتجه إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره السعودي عادل الجبير، اللذين سيتواجهان في فيينا للمرة الأولى لبحث الأزمة السورية، ولمعرفة ما إذا كانا سيستطيعان جسر الهوة بين البلدين، خصوصاً بشأن مصير الرئيس بشار الأسد، حيث اعتبر الجبير، أمس، أن الاجتماع سيكون اختباراً لنيات إيران وروسيا في ما يتعلق بإيجاد حل للأزمة السورية و «على رأسها يكون موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد»، مشيراً إلى أن الرياض «ستكثف دعم المعارضة السورية المعتدلة حتى تغيّر التوازن على الأرض».
واستطاعت موسكو، عبر ضم طهران إلى الاجتماع في فيينا غداً، الحصول على حليف قوي لمواجهة الدول الداعمة للمسلحين في سوريا. كما أنه يمكنها الاعتماد، إلى حد ما، على مصر ولبنان والعراق التي تكافح الإرهاب على أراضيها. والقرار المصري بالمشاركة في المحادثات أحدث مؤشراً على التقارب الواضح في العلاقات بين مصر وروسيا. وأيدت القاهرة صراحة الضربات الجوية التي تشنها الطائرات الروسية في سوريا، معتبرة أنها ستسهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه وستشكل ضربة قاصمة لتنظيم «داعش».
ويعقد وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير وتركيا فريدون سينيرلي اوغلو اجتماعاً رباعياً في فيينا اليوم، على أن يتوسع غداً ليشمل وزراء خارجية إيران ظريف، ولبنان جبران باسيل، ومصر سامح شكري، وبريطانيا فيليب هاموند، وفرنسا لوران فابيوس، والاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني. كما دُعي العراق والأردن وقطر والإمارات وألمانيا إلى الاجتماع.
واعتبر كيري، في كلمة أمام معهد «كارنيغي للسلام الدولي»، أن المحادثات في فيينا لن تؤدي الى حل سياسي فوري، لكنها قد تكون أفضل فرصة لإنقاذ سوريا من «الجحيم». وقال «بما أن محاولة إيجاد سبيل للتقدم حول سوريا لن تكون سهلة - ولن تكون تلقائية - نرى أن هذه أكبر فرصة واعدة للانفتاح السياسي».
وأضاف «من الواضح أن لدى روسيا والولايات المتحدة أرضية مشتركة واسعة حول هذا الامر»، معتبرا ان كلا الجانبين يريدان «سوريا متحدة وعلمانية» حيث يمكن للمواطنين اختيار رئيسهم من خلال الانتخابات، معتبرا أنه لا يمكن السماح لـ «رجل واحد» بالوقوف في طريق السلام. وقال «في نهاية المطاف، لهزيمة داعش، يجب إنهاء الحرب في سوريا، وهذا هو هدف الولايات المتحدة».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم «لقد تسلمنا الدعوة وتقرر أن وزير الخارجية سيشارك في المحادثات»، مشيرة إلى أن نواب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وعباس عراقجي ومجيد تخت روانجي سيرافقون ظريف في هذه الرحلة. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن لافروف وظريف تحادثا هاتفيا لبحث الإعداد لمحادثات تجرى في فيينا.
ولم تشارك إيران مطلقاً في أي محادثات دولية حول تسوية الأزمة السورية. ففي العام 2012 لم تشارك في مؤتمر «جنيف 1» حول سوريا، ودعوتها للمشاركة في محادثات «جنيف 2» في 2014 عاد وسحبها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اثر اعتراض الولايات المتحدة والسعودية.
ودافعت واشنطن وباريس عن مشاركة طهران في الاجتماع الموسع.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض اريك شولتز إن محادثات السلام المقبلة بشأن سوريا لن تكون مجدية إلا إذا شاركت فيها كل الأطراف المعنية، مشيرا إلى أن دعوة إيران للمشاركة لا تبرّئها من أي دور لها في الأزمة.
وقال «الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة، بما في ذلك روسيا وإيران، لحل الصراع في سوريا»، مضيفاً «ستكون المحادثات مجدية فقط عند حضور جميع المعنيين». وتابع ان «دعوة إيران للمشاركة في هذه النقاشات يجب ألا تتجاوز الجانب المظلم لعلاقة إيران المستمرة مع (سوريا)، التي تشمل دعم نظام الأسد، ودعمها المستمر لمنظمات إرهابية مثل حزب الله».
وكان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول قد قال إن «فرنسا تواصل حواراً مع الجميع، وخصوصاً مع الروس وإيران»، مؤكداً أن «فرنسا تؤيد دعوة إيران، وتعمل من أجل حضور كل الأطراف».
وقال فابيوس، في بيان بعد يوم من اجتماعه مع مسؤولين من السعودية والإمارات والأردن وقطر وألمانيا والولايات المتحدة وايطاليا وبريطانيا وتركيا في باريس، «تشاورنا حول سبل التوصل إلى مرحلة سياسية انتقالية تضمن رحيل بشار الأسد وفقا لجدول زمني محدد».
واتفق المشاركون أيضاً على «ضرورة مواصلة جهودهم لمحاربة داعش في سوريا مع دعم المعارضة السورية المعتدلة التي تم التشديد على دورها في المفاوضات المقبلة». وتابع ان «البدء بعملية يجب أن يكون مصحوباً بتغيرات ملموسة على الأرض تخدم مصلحة الشعب السوري. نواصل جهودنا في هذا الإطار».