وفي كلمة له أوضح الديهي أن ما يجري اليوم ليس سوى سقوط لبعض الأنظمة التي لم تكن في يوم من الأيام الى جوار الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة تقوية الموقف العربي والإسلامي في عزل العدو الاسرائيلي من خلال ضغط جماهيري واسع.
اليكم النص الكامل لكلمة الشيخ الديهي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه المنتجبين
السلام عليكم جميعا أيُّها الأحبَّة الأعزاء
يسعدني كثيرا أن أشارك معكم في هذه الفعالية، ويعزُّ كثيرا على كل غيور ألا يكون متواجدا بينكم متضامنا ومساندا لكم في نضالكم الممتد في الدفاع عن فلسطين الحبيبة، إلا أنَّ الحدود وإن بعدت؛ فالبوصلة ثابتة والهدف واضح في حق الفلسطينيين في استعادة أراضيهم المحتلة وحقوقهم المشروعة وفي كون القدس العاصمة الأبدية لفلسطين.
وأنا هنا أنتهز الفرصة لأنقل لكم تحيات وتضامن سماحة الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان المعتقل في سجون البحرين ظلما وعدوانا.
وفي هذه الكلمة المختصرة فإنَّه يهمني التأكيد على أربع رسائل:
الرسالة الأولى إلى فلسطين من شعب البحرين المغتصبِ قراره: إلى فلسطيننا وإلى قدسنا، لقد خانوك في وضح النهار، وقد تشابكت أيديهم فوق أشلاء الصغار، ماتت العروبة في دمهم وتنكروا لدينهم، وكان عذرهم أقبح الأعذار، يبشِّرون بالصلاة في قدسنا بصلاة العار، فهل يصلَّى في أرض طاهرة صلاة العار؟، إليك يا قدس لقد عملوا على تمزيق أحلام أبنائنا وكل كراسات طفولتهم التي تضج بالكرامة والعروبة والنضال والمليئة بحب فلسطين، أرادوا قتلوا كل تاريخنا من عشقنا لترابك وأشجارك، وعملوا على تزييف كل المطالب والمبادئ بدعوى السلام مع الغاصب لأرض فلسطين الحبيبة، يا قدسنا أنت أمانة الله عندنا والوعد الصادق في أعناق أشرف الرجال، كيف نسمح أن تباعين بثمن بخس في مزادات التطبيع الرخيصة.
سيوقعون اليوم على وأدك بدعوى السلام بطعم الخيانة والاحتلال، فلك السلام يافلسطين وياقدسنا الحبيب من وطن النخيل من شعب أبي يرفض الذل من أرض أوال من أرض البحرين.
ورسالتي الثانية إلى الشعب الفلسطيني: نحن شعب البحرين من أصغر طفل لأكبر كهل معكم في خندق واحد، ولن نكون مع كل هذا الذل والهوان الذي تقوده بعض أنظمة المنطقة، ولن نكون على الإطلاق معهم في غيِّهم وضلالتهم وخيانتهم لأرض الأنبياء وأولى القبلتين، يؤسفنا أنَّ اسم وطننا الحبيب (البحرين) يدخل في هذه الصفقة الخاسرة، صفقة العار والشؤوم، وإنَّنا يا فلسطين الحبيبة كشعب مؤمن بالله ووعده عقدنا ونجدد اليوم العقد والعهد معكم ومع فلسطين في صفقة عزٍّ وإباء ورفض لبيع ترابك الطاهر حتى يأتي اليوم الذي نصلي فيه صلاة عزة وإباء على أرضك الطاهرة، على أرض خالية من مغتصبيك والبائعين للقدس
لا تحزنوا ولا تهنوا ولا تيأسوا، فما يجري الآن ليس سوى سقوط لأقنعة بعض الأنظمة التي لم تكن في يوم من الأيام إلى جواركم؛ لقد كانوا يطبعون بالسر ليلا نهارا ويشتغلون على تطوير آليات التطبيع السرية، واليوم عندما يعلنون عن اتفاقات العار هم فقط يعلنون عن جرم الخيانة للقضية الفلسطينية بالتطبيع المعلن.
ونحن سنقف إلى جانب أي محور واتجاه يدعم فلسطين ويؤمن بعدالة القضية، ولن نتخلى عنكم؛ لأنَّ تكليفنا الشرعي والوطني والعربي والإسلامي هو في الدفاع عن فلسطين ومقدساتها مهما كان ثمن ذلك، نحن معكم وسنبقى إلى جواركم وسنعزز من علاقاتنا الشعبية والسياسية معكم، وعليكم أن تعرفوا حقيقة هذا النظام القمعي الذي لا شرعية شعبية له؛ ولأنَّ حقيقة عدم تحصّله على الشرعية الشعبية انكشفت أمام الرأي العام العربي والفلسطيني بالخصوص فهو يفتش في كل زاوية في البحرين عن أي شخصية حكومية أو مؤسسة شكلية لتدافع عن خيانته للقضية؛ لأن البحرينيين مجمعون على رفض التطبيع.
رسالتي الثالثة إلى أمتنا العربية والإسلامية: يجب تقوية الموقف العربي والإسلامي في عزل العدو الإسرائيلي عن منطقتنا وشعوبنا، وهذا يتطلب أن يكون هنالك ضغط شعبي وجماهيري واسع وضغط للأحزاب السياسية والمجتمع المدني والرأي العام للتعبير عن إدانة أي مسار نحو التطبيع، ورفض عدم اعتبار الكيان الصهيوني عدوا، ويجب أن تبقى هذه ثابتة الثوابت، إسرائيل هي العدو الأول لشعوب منطقتنا وأمتنا العربية والإسلامية، وفي الدول التي لديها تمثيل دبلوماسي مع الصهاينة فإنَّ من واجب الجميع الضغط لقطع أي تواصل دبلوماسي، ونحن نعوِّل على وعي الشعوب التي مازالت متمسكة بهذه القضية المحقَّة، إنَّ القدس من مقدساتنا ومكة من مقدساتنا ومن يدافع عن القدس يدافع عن مكة ومن يتخلى عن القدس يتخلى عن مكة بل سيتخلى عن كل المقدسات.
أمَّا رسالتنا إلى سلطات البحرين: فلقد فضحت جريمة التطبيع ما كنتم تنكرونه لسنوات طويلة، وفاجئكم أنَّ البحرينيين بمختلف مكوناتهم لا يرون في إسرائيل سوى كيانا لقيطا مسخا، وأنَّ كل ما حاولتم فعله عبر أدواتكم الإعلامية لتشويش مفهوم العداء لإسرائيل لم ينجح.
إنَّ صراعنا معكم حول التطبيع هو صراع لن يتوقف، وسيظل –كما كان- أحد ثوابتنا الرئيسية قضية فلسطين؛ فإلى جوار سعينا لتحقيق الشراكة السياسية الكاملة والعدالة الاجتماعية وتمكين الشعب من أن يكون مصدرا للسلطات، فإنَّ قضية فلسطين هي أحد مرتكزاتنا الاستيراتيجية التي لن يخلو أي برنامج عمل سياسي من بند الدفاع عنها بما يعنيه ذلك من الاهتمام بقضايا الأمة العادلة والمشروعة، ولقد برهن شعب البحرين من خلال التعبير القوي عن موقفه بالإدانة بأنَّه شعب لا تكسره إرادة القمع، ولا تنطلي عليه أساليب الخداع الإعلامية، ولا تنجح وسائلكم في تمييع التزامه بفلسطين ومقدساته.
وفي الختام، يبقى الأمل كبيرا إن شاء الله بأن نصلي جميعا في القدس عاصمة فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر، والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
15 سبتمبر 2020-غزة